صحيفة شقراء- محمد الحسيني-تصوير - مشعل القصير .
.
.
بات من المألوف لأهالي إقليم الوشم مشهد تلك الحافلات السياحية التي تأتي من الرياض كل أسبوع محملة بسائحين من مختلفي الجنسيات، جاءوا ليقضوا وقتاً ممتعاً بين أحضان التاريخ والتراث في القرى التراثية، في بيئة تحاكي الشكل المعماري القديم للمدينة وللمملكة قبل عصر النفط، حتى أن جدراناً متهدمة بُنيت بشكلها القديم وكأنها منازل تصدعت ووقعت على الأرض.
بوابة القرية التراثية لمدينة أشيقر(المصاريع) تفصلك في لحظة عن المدينة العصرية (شقراء) التي جئت منها، وتصافحك أبنية الطين التي أُعيد ترميمها ما إن تدخل من بوابتها الضخمة، وعلى يمينك سترى قهوة الخراشي والتي تم تجهيزها لاستقبال الزوار وتقديم الشاي والقهوة لهم في بداية جولتهم؛ وبجانبها استراحات وبيوت شعر، وجلسات جرى تصميمها من جذوع النخل، وفي الجوار طابور من السائحين يأخذ دوره ليتذوق الأكلات الشعبية القديمة؛ تم طهيها من قبل الأسر المنتجة بأسعار تشجيعية ويتم تسويقها بنظام الوزن؛ ولذا لا تجد بقايا للأطعمة كما في المطاعم الأخرى.
وداخل إحدى المزارع القديمة، وتحديداً بأحد حيطانها الخضراء يقبع (المدَرج) وهو مكان جرت تهيئته لتقديم أكلات شعبية محلية الصنع تضم القرصان والجريش والمرقوق بما يشبه البوفيه المفتوح للسياح والزوار، ويضم جلسات شعبية لتناول الطعام وجلسات أخرى لشرب القهوة العربية والشاي بطابع تراثي جميل.
وعلى بعد أمتار ثمة درج قصير يدخل بك إلى متحف الشيخ حمد السالم، وهو متحف يجمع التاريخ كله بأدواته وآلاته وعملاته وأجهزة تليفوناته العتيقة، ونماذج لأشياء مر عليها ما يقرب من 150 عاماً وأكثر.
داخل المتحف الذي يشغل حيزاً ليس بالكبير، يقف السالم بعصاه الرفيعة يشرح للزوار كيف كان يعيش الأجداد، ويوضح لهم كيف كانت تعمل الأدوات والآلات القديمة كسراج الشحم والأبواب الخشبية والقطع الصغيرة كالأقراط والخواتم ولوازم المرأة النادرة.
والمتحف مقسم لعدة أقسام، فمنها : ركن المرأة ومستلزماتها، ركن القهوة وأغراضها، المدرسة قديماً، ركن الزراعة وأدواتها، وغيرها من الأقسام الاخرى.
أثناء زيارة " صحيفة شقراء " للقرية التراثية والمتحف، قال السالم إن نهاية الأسبوع هي الأيام التي يشهد المتحف فيها إقبالاً كبيراً من الزوار، خلافاً لبقية أيام الأسبوع، ونظراً لتنوع الجنسيات التي باتت تفد إليه، بات المتحف يستعين بشاب سعودي نشط كمرشد ودليل سياحي ومترجم لشرح مقتنيات المتحف للزوار.
وقال السالم إن المتحف يفد إليه العديد من الوفود التي تنظمها الجامعات والمراكز الشبابية، والجهات المهتمة بالآثار للزيارة، والتعرف على المقتنيات التي جمعها طوال أكثر من خمسة وأربعين عاماً عبر تنقلاته المختلفة في مدن المملكة، حيث كان حريصاً على اقتناء تلك الأدوات، ولم يكن يعرف أنه سيأتي يوم يعرضها فيه للجميع.
بيت التراث
على بعد أمتار وعلى يسار متحف السالم يقف بيت التراث التاريخي، وفي مدخله وضع مجسم كبير للميزان القديم، وعلى اليسار مجموعة حيوانات محنطة، ثم متحف حمد عبد العزيز الضويان، الذي يضم أيضاً العديد من القطع الأثرية والتراثية، وزجاجات المشروبات التي كانت سائدة في العهد القديم، وقد تم توزيع المتحف على شكل أجنحة وأركان، كجناح المرأة، المطبخ، دكان القرية، البيئة والحياة الفطرية، الألعاب الشعبية، والوجبات المدرسية والمناهج الدراسية.
كما تحتوي القرية التراثية عدة أماكن أخرى للتنزه كمشروع دار المؤرخ إبراهيم بن عيسى للثقافة والتراث النجدي ودار الشنيبر للتراث ودار العمر التراثي؛ والجميل أن تلك الدور حولها أصحابها إلى متاحف بجهود ذاتية، تكتسي جميعها بالطابع القديم، بما يحاكي فعلياً الحياة القديمة، وكأنها عادت بأدواتها مرة أخرى عبر آلة الزمن إلى المستقبل.
دار العُمَر
يستقبل "دار العُمر التراثي" زواره بعملات نادرة وأسلحة قديمة، وأدوات فلاحة نادرة، وقد أتاحه صاحبه عبدالرحمن بن عبدالعزيز العمر بمحتوياته على "تويتر" و"أنستجرام"، ليطلع الجميع على ما يحويه من مقتنيات تعكس اهتمام العمر بالتراث منذ 30 عاماً تقريباً، أما المتحف فعمره (3) سنوات تقريباً، ويشهد حسبما أكد العمر لـ(الرياض) إقبالاً جيداً في نهاية كل أسبوع، حيث تفد إليه زيارات من داخل المملكة وخارجها.
ويأمل العمر أن تزيد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من وتيرة اهتمامها بالقرية التراثية، كون القرية بحاجة إلى لوحات إرشادية توضح للزوار الأماكن التي تحتويها، والممرات، وأن يكون ذلك بأكثر من لغة نظراً لتنوع الجنسيات التي تزور القرية، وهو ما يحتاج إلى تواجد مرشدين سياحيين أيضاً ليشرحوا محتويات القرية بلغة الزوار أنفسهم.
دار الشنيبر
"دار عبدالله بن عبدالعزيز بن حمد الشنيبر" أيضاً من المتاحف التراثية بالقرية، وقال عبدالرحمن بن عبدالله الشنيبر المدير التنفيذي للمتحف في حديثه معنا إنه جرى افتتاحها منذ عام 1434هـ، وقد جمع محتوياتها من أجداده وأعمامه، وبعض أهله، ومعارفه وأصدقائه، وغيرهم، ويضم المتحف مقتنيات وقدور طبخ مر عليها سنوات تتراوح بين 80 إلى 100 سنة، ومنها قدور كان الأجداد يطبخون فيها "الجراد"، إضافة إلى "السمور" وهو وعاء كان يُستخدم لتسخين الماء، ويأتي عادة من تركيا، وهو مصنوع من النحاس.
كما يضم المتحف مناهج دراسية منذ عام 1386هـ، و1393ه، وعبوات التغذية الدراسية التي كان يتم توزيعها من قبل وزارة المعارف وقتها، والأحذية، وكذلك ماكينة خياطة يرجع عمرها إلى 1375ه، ومعها فاتورة شراء بمبلغ 200 ريال، وكذلك العديد من القطع القديمة مثل : التنور, الرحى, المنحاز, صميل اللبن, الوجار القديم.
هذا إضافة لثياب قديمة جرى تجهيزها في مكة المكرمة منذ عام 1380ه، وكذلك ريال عربي منذ عهد الحرب العالمية، جرى استخراجه من غواصة هوت إلى القاع بفعل الحرب، وذلك بعهد الملك عبدالعزيز رحمه الله.
وفي ختام جولتنا شاهدنا منتجع جدي حمد من الخارج لعدم السماح لنا بالدخول حيث يقدم الوجبات الشعبية في واحة خضراء، تحفها أشجار النخيل، والبيوت الطينية، وبها بعض الحيوانات الأليفة المحببة للأطفال.
16-11-2024
08-11-2024
30-10-2024
07-10-2024
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم