تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –يحفظه الله - افتتح معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم العالي تحت عنوان (الجامعات السعودية ورؤية 2030 : المعرفة وقود المستقبل ) وبدأ الحفل بكلمة افتتاحية لمعالي الوزير قال فيها " يسرني أن أرحب بكم جميعاً في حفل افتتاح المؤتمر والمعرض الدولي السابع للتعليم العالي الذي ينعقد برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – ويسرني أن انقل لكم تحيات صاحب ا لسمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع وتمنياته لهذا المؤتمر والمعرض الدولي التوفيق والسداد ، فقد كان حريصاً على مشاركتنا في حفل افتتاح هذا المؤتمر والمعرض لولا ازدحام جدول أعماله بارتباطات طارئة " .
وأضاف العيسى أن رعاية خادم الحرمين –يحفظه الله- لهذا المؤتمر والمعرض الدولي ودعم سمو ولي العهد وسمو ولي لي العهد – يحفظهم الله- لهو دليل على اهتمام قيادتنا الحكيمة بالتعليم بشكل عام وبالتعليم الجامعي على وجه الخصوص ، وذلك لما للجامعات من دور محوري في تأهيل وتعليم وتدريب الكفاءات البشرية الوطنية التي تسهم في كافة مستويات العمل في القطاعات العامة والخاصة بعقولها وفكرها وسواعدها لتحقيق الرؤية الطموحة ولتحقيق أهداف كافة مؤسسات الاقتصاد الوطني .
وقال معاليه إن المتأمل في مسيرة التعليم العالي في المملكة يدرك أن الجامعات السعودية الحكومية والأهلية قد حققت – ولله الحمد – العديد من الإنجازات ، فقد انتشرت فرص التعليم العالي في كافة مناطق المملكة وفي مختلف التخصصات التي تخدم سوق العمل في المملكة ، كما تقدمت بعض جامعاتنا السعودية في مجال الجودة الأكاديمية من خلال حصول الكثير منها على الاعتماد الأكاديمي من المؤسسات المحلية والدولية بالإضافة إلى التقدم في مراكز التصنيفات الدولية ، وتقدمت بعض جامعاتنا في مجالات البحث العلمي من خلال أودية التقنية وغيرها من المؤسسات ، كما ساهم برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الطموح في توفير مسار نوعي إضافي لتأهيل الكفاءات السعودية في تخصصات نوعية ومن جامعات متميزة على المستوى الدولي ، ولكن التعليم العالي في المملكة يواجه العديد من التحديات التي ينبغي التنبه لها ومواجهتها بكل عزيمة لاستكمال مسيرة التميز في التعليم لخدمة مسيرة التنمية المباركة وبخاصة في ظل التحولات العميقة التي يتوقع أن تحدث في بنية الاقتصاد ومجالاته واعتماده على قطاعات اقتصادية جديدة رسمتها رؤية المملكة 2030 .
وذكر العيسى أن من أهم التحديات :
أولاً : إحداث مزيد من الموائمة بين تخصصات وبرامج الجامعات وبين احتياجات سوق العمل ، فجامعاتنا لا تزال تقبل أعداداً كبيرة من الطلاب والطالبات في مجالات لم يعد لها احتياج في سوق العمل ، ومخرجات الجامعات تحتاج إلى تطوير في مستوى مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والمهارات الشخصية لتكون قادرة على المنافسة في سوق العمل وتتمكن من التعلم مدى الحياة .
ثانياً : تضخم أعداد الطلاب والطالبات في كثير من الجامعات بما يفوق طاقتها الاستيعابية ، وبما يفوق أعداد الطلاب مقارنة بالجامعات العالمية المتميزة مما يؤثر في قدرتها على التركيز على الجودة الأكاديمية في التدريس وفي قدرتها على التنافس في مجال البحث العلمي ، وفي قدرتها على تقديم الخدمات المناسبة لطلابها وطالباتها .
ثالثاً : اعتماد جامعاتنا على مصدر وحيد للتمويل وهو مصدر التمويل الحكومي بينما نرى أن معظم جامعات العالم تعتمد على مصادر عديدة للتمويل يمنحها مزيد من الاستقرار المالي ويقلل من تأثير التقلبات الاقتصادية على ميزانيتها ومشاريعها .
رابعاً : ضعف قدرة الجامعات على تحويل جهود البحث العلمي والابتكار إلى منتجات اقتصادية تدعم الاقتصاد الوطني بمؤسسات وشركات قادرة على النمو والمنافسة .
خامساً : تحول معظم الجامعات إلى مؤسسات بيروقراطية متضخمة إدارياً وتنظيمياً فغابت المرونة الإدارية وتشتت الفاعلية وضعف التركيز على المشاريع والبرامج النوعية .
وأضاف العيسى : لمواجهة تلك التحديات التي أشرت إليها آنفاً ، عملت وزارة التعليم بالتعاون والتشاور مع مدراء الجامعات خلال الفترة الماضية على العديد من المسارات ، فقد اقترحت نظاماً جديداً للجامعات يجري مناقشته حالياً في الجهات العليا ذات العلاقة ، حيث يمنح النظام الجديد بعد إقراراه بمشيئة الله المزيد من الاستقلالية للجامعات أكاديمياً وإدارياً ومالياً ، فيمنحها الفرصة لبناء هوية الجامعة وتميزها من الداخل ، ويعزز قدرتها على إيجاد مصادر تمويل إضافية لبرامجها ومشاريعها ، ويجعلها أكثر مرونة في مواجهة التحديات وفي الاستجابة للمتغيرات .
وبين أن الوزارة تقوم حالياً بصياغة استراتيجية متكاملة للتعليم تشمل رسم خارطة طريق جديدة للتعليم العالي بتحديد التخصصات والمجالات الأكثر احتياجاً في سوق العمل حتى عام 2030 ، وتشمل أيضاً إيجاد تكامل واضح بين التعليم التقني والمهني وبين التعليم الجامعي من خلال التركيز على المرحلة الجامعية المتوسطة وجعها بوابة دخول للتخصصات العلمية والإدارية لمرحلة البكالوريوس .
وقال إننا نتطلع أن تساهم السياسات والإجراءات الجديدة بعد إقرارها بإذن الله في تعميق مسيرة التعليم العالي في المملكة وترفع من قدرة مؤسساته في خدمة الوطن وأبناءه وفي تلبية الاحتياجات المستقبلية للاقتصاد الوطني .
من جانبه أكّد البروفيسور مايكل كرو -رئيس جامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية- أن التحدي الأكبر الذي يواجه البشرية في الوقت الحالي هو كيف نعلّم عدداً أكبر من الناس بشكل أكثر تعمقاً وتمكيناً؛ حتى نصل إلى جعل التعليم تجربةً مستمرةً طوال حياة الإنسان.
وأضاف كرو -أستاذ العلوم والسياسة التكنولوجية- خلال كلمته الرئيسة بالمؤتمر بعنوان: (الجامعة الأمريكية الجديدة: نحو 2025 وما بعدها) أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تعدّ من الديمقراطيات الشابة في العالم بعمر لا يتجاوز 214 عاماً زادت أنشطتها الاقتصادية منذ عام 1960م بسبب التقدّم التكنولوجي والمعرفي، لكن على الرغم من هذا النمو المتزايد لم تكن هناك فرص متساوية أمام كلّ طبقات الشعب الأمريكي في الحصول على الفرص التعليمية نفسها؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية أقلّ من نصف الطلاب يدخلون الكليات؛ فمن سكان الولايات المتحدة البالغ 325 مليون نسمة يدخل الجامعات 80% من الطبقة الغنية، بينما يدخل 8% فقط من الطبقة الفقيرة، ويؤدي ذلك إلى مشكلات اجتماعية، واضطرابات على المستوى البعيد.
ولفت مايكل كرو إلى أن هذا التفاوت في الفرص غير موجود في المملكة العربية السعودية؛ فالجامعات السعودية أبوابها مفتوحة أمام جميع طبقات المجتمع السعودي، وهو ما يجعل المجتمع السعودي بمنأى عن تلك الاضطرابات الاجتماعية المتوقّع حدوثها في الولايات المتحدة الأمريكية إذا استمر ذلك التفاوت في فرص التعليم بين طبقات المجتمع المختلفة.
وأشار البروفيسور كرو إلى أن هناك عدة تحدّيات تواجه الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص التعليم العالي، من أهمها: كيفية التحكّم في التقدم التكنولوجي الشامل السريع في العصر الحالي؛ إذ أدى هذا التقدم في السنوات العشر الأخيرة إلى تقليص الوظائف بين الطبقة الحاصلة على التعليم المتوسط بنسبة 25%، ومن المتوقّع أن تصل تلك النسبة إلى أكثر من 50%، إضافةً إلى سرعة التغيير الاجتماعي التقني، التي تجعل بعض الجامعات تقاومها؛ بسبب أنها تجد صعوبةً في متابعتها، وكذلك كيفية توظيف وسائل التواصل الحديثة للحصول على المعرفة؛ فجهاز صغير يُوضع في الجيب يحمل أكثر من المعلومات الموجودة في أكبر موسوعة عالمية أو مكتبة ضخمة. وشدّد كرو على أن هذه التحديات لا تمثّل تهديداً لمؤسسات التعليم العالي القائمة بقدر أنها تمثّل فرصةً لتطوير أشكال جديدة للتعليم العالي تعتمد على التكنولوجيا، وتفرض علينا التفكير في كيفية الارتقاء بالتعليم عبر تلك الأشكال الحديثة.
واختتم رئيس جامعة أريزونا كلمته الرئيسة للمؤتمر بعرض تجربة جامعته في التعليم العالي، والتعليم عن بُعد، وكيفية مواكبتها احتياجات المجتمع حولها، والتفكير في استخدام الموارد الطبيعية المحيطة في أريزونا من أجل تطوير حياة المجتمع الأمريكي وخدمته. واستعرض كرو الدور الاجتماعي الذي تقوم به الجامعة في محيطها الاجتماعي؛ إذ لا يقتصر دورها على التعليم فقط، بل يتعدى إلى رعاية خرّيجيها وربطهم بسوق العمل، ورعاية المتميّزين، ودعم الابتكارات العلمية، وتشجيع التطور التكنولوجي .
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم