صحيفة شقراء - محمد الحسيني .
.
.
.
.
منذ العام الماضي والآراء متباينة حول مستقبل العقار في المملكة، ورغم أن مقولة "العقار يمرض ولا يموت" تبدو بمثابة القاسم المشترك بين جميع التوقعات والمرئيات إلا أن الحديث عن انخفاض جدي وواضح في أسعار المنشآت والمنتجات السكنية نتيجة البدء في فرض رسوم على الأراضي البيضاء بات المفصل الجديد في القضية، وهو ما سيحدث تغيرات كبرى، تُواجه حالياً بتحركات شرسة من سماسرة العقار للحيلولة دون حدوثها.
تُعد اللائحة التنفيذية النهائية لنظام رسوم الأراضي البيضاء التي تم إقرارها مؤخراً من قبل مجلس الوزراء وبدء تنفيذ القرار الخاص بفرض رسوم على الأراضي البيضاء غير المستفاد منها وغير المطورة بمثابة نجاح لوزارة الإسكان في التحدي الخاص بتنفيذ القرار، وهو ما أشار إليه المهندس محمد بن صالح الدحيم المستشار العقاري مؤكداً أن صدور القرار يُعد إنجازاً بحد ذاته، بعد الحديث المتكرر عن عدم تنفيذه، وأن المشكلة التي ستشهدها الأيام االقادمة تكمن في تطبيق القرار نفسه كونه يواجه عدة تحديات كبرى.
من أبرز تلك التحديات أن الكثير من الناس لم يعتد الكشف عن أملاكه، كما أن بعض تلك الأراضي البيضاء يملكها قُصر، فيما يعيش عدد من الملاك خارج المملكة، ما يؤدي إلى مشاكل في تسجيل تلك الأراضي وحصرها.
وتوقع الدحيم أن تشهد مدة الستة أشهر التي طرحتها الوزارة لتنفيذ القرار اتجاه أصحاب تلك الأراضي في المرحلة الأولى إلى تطويرها لبيعها، ما يؤدي إلى توفر الكثير من الوحدات السكنية، فضلاً عن انخفاض أسعار العقار بشكل ملحوظ، نظراً لكثرة المعروض حينها وقلة الطلب.
ونفى الدحيم أن يكون الغرض من اللائحة فرض رسوم أو جباية أموال كما يعتقد البعض، مؤكداً أن تطبيق اللائحة سيسري على الأراضي التي لم تُطور أو ليست هناك نية لتطويرها، لكن من يقدم طلباً لتطوير أرضه فإن اللائحة لا تشمله، ما يعني أن المقصود هو الاستفادة الفعلية من الأراضي غير المستغلة.
وقال إن الوزارة ستواجه مشكلة في تسجيل تلك الأراضي حيث سيرفض البعض التسجيل لأنه غير متقبل للفكرة، وقد يرى في الأمر نوعاً من التدخل في أموره الشخصية، إلا أن فترة الستة أشهر ستكون كافية نوعاً ما لكي تتضح الأراضي غير المسجلة، لافتاً إلى أن ذلك يشكل واحداً من أكبر التحديات لوزارة الإسكان.
وكشف الدحيم عن أن استهداف الرياض وجدة والدمام بالقرار دون غيرها من المدن الأخرى بالمملكة يرجع إلى أن تلك المدن تواجه عجزاً سكنياً كبيراً لا يمكن مقارنته بالمدن الأخرى التي لم تشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأراضي والعقارات والإيجارات كونها بعيدة عن حيز السكن المرغوب من موظفي الدولة والقطاع الخاص.
خدعة السماسرة وتجار العقار
في الاتجاه المقابل ظهرت تحركات على صعيد سماسرة وتجار العقار بهدف عرقلة تلك الخطوات الهادفة لسوق عقاري متزن، ومحاولة إيهام المجتمع بأن الأمور ماضية باتجاه العكس، إذ ظهرت في مدينة جدة إعلانات عقارية يتضح من خلالها تمسك أصحابها بالأسعار السابقة لعقاراته، أو للتضليل بأن الأسعار العقارية لا تزال كما كانت في السابق، وذلك على نطاق واسع في المواقع الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي.
تلك التحركات حذر منها رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة تجارة وصناعة جدة عبدالله الأحمري مؤكداً أنها محاولات يائسة للتجديف عكس التيار، واستدل الأحمري بالمؤشر العقاري التابع لوزارة العدل، باعتباره جهة رسمية، والذي يؤكد مدى التراجع في حركة السوق العقارية وبالتالي أسعار العقار، وذلك تأثراً بقرار وزارة الإسكان بفرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، وقال إن هناك من يرفض هذه الحقيقة.
وبدا الأحمري واثقاً من توقعاته المستقبلية وهو يؤكد أن السوق العقارية ستشهد تغيرات كثيرة عقب إقرار اللائحة، وأن ثمار ذلك سيظهر خلال عام واحد فقط، مؤكداً تغير خارطة العقار كلياً، ما يجعل العديد من المنتجات العقارية في متناول الباحثين عن مسكن.
ليست كل الأراضي
يُذكر أن مسودة اللائحة التنفيذية تتضمن (18) مادة عملت على تطبيق الرسوم على أربع مراحل، الأولى للأراضي غير المطورة بمساحة 10 آلاف متر مربع فأكثر والواقعة ضمن النطاق الذي تحدده وزارة الإسكان.
أما الثانية فهي للأراضي المطورة العائدة لمالك واحد بمخطط معتمد واحد ما دام مجموع مساحتها يزيد على 10 آلاف متر مربع، فيما الثالثة للأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مخطط معتمد واحد ما دام مجموع مساحتها يزيد على خمسة آلاف متر مربع.
وأخيراً المرحلة الرابعة وهي للأراضي المطورة لمالك واحد في مدينة واحدة ما دام مجموع مساحتها يزيد على 10 آلاف متر مربع.
ولا تدخل كل الأراضي حيز القرار إذ يُشترط لإخضاع أرض معينة لتطبيق الرسم أن تكون أرضاً فضاء داخل حدود النطاق العمراني، مُخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري حسب المخطط المعتمد الصادر عن الجهة المختصة، وأن تكون ضمن فئة الأراضي الخاضعة لتطبيق الرسم وفق المادة (السادسة) من اللائحة.
ووفقاً للائحة أيضاً فإن الرسم لا يُطبق على الأرض الخاضعة للتطبيق في حال انتفاء أي من اشتراطات تطبيق الرسم الواردة في المادة (الثامنة) من اللائحة، ووجود مانع يحول دون تصرف مالك الأرض فيها، كذلك في حال وجود عائق يحول دون صدور التراخيص والموافقات اللازمة لتطوير الأرض أو بنائها، بشرط ألا يكون المكلف متسبباً أو مشاركاً في قيام العائق، إضافة إلى إنجاز تطوير الأرض أو بنائها خلال سنة من تاريخ صدور القرار.
مخالفات
وقد حددت اللائحة التنفيذية الخاصة بفرض رسوم الأراضي على الأراضي البيضاء خمس مخالفات تستوجب العقوبات حال وقوع أصحاب الأراضي الخاضعة لتطبيق نظام الرسوم بها، بهدف ضمان الالتزام وعدم التهرب من الدفع، وتشمل المخالفات : عدم الالتزام بدفع الرسم البالغ 2.5% من قيمة الأرض، وعدم التبليغ عن الأراضي خلال 6أشهر من الإعلان، وعدم التقدم بالوثائق والمستندات اللازمة لوزارة الإسكان، عدم سداد الرسم خلال الفترة المحددة للتحصيل، وكذلك تقديم معلومات مغلوطة وغير دقيقة للوزارة.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم