أوضح المواطن عبدالله بن عبدالرحمن الراشد أن التعليمات المبنية على قرار مجلس الوزراء قضت بمنع تجزئة الأراضي الزراعية إلى قطع صغيرة حفاظاَ على ثروة المياه، وصدرت تعليمات من وزراء الزراعة والبلديات والمياه بمنع تجزئة تجزئة الأراضي الزراعية وتقسيمها إلى قطع صغيرة من أجل المحافظة على ثروة مهمة وقابلة للنفاذ في أي لحظة؛ وهي ثروة المياه تلك التي يعاني منها مجتمعنا الصحراوي، وهناك دراسات وأبحاث تؤكد أننا إزاء مشكلة كبيرة وهي العطش، ومع ذلك فهي تتعرض للهدر اليومي وبشكل عبثي ودون أي إجراء رادع رغم وضوح التعليمات في هذا الخصوص.
وقال الراشد لقد سعت وزارة المياه إصدار عدد من القرارات التي تسهم في الحفاظ على الثروة المائية، وتعاونت مع وزارة الزراعة ووزارة العدل والجهات المعنية لإنفاذه تلك القرارات وتعاون الجميع في هذا الاتجاه لأن الجميع يدرك حجم الخطر المحدق وكان هناك التفاف وتعاون وجدية للمحافظة على الثروة المائية من خلال العديد من القرارات والتشريعات التي صدرت بهذا الخصوص، ولكن بدأت الحيل والتلاعب للالتفاف على هذه القرارات ومنها تجزئة أراض زراعية ضخمة على هيئة استراحات صغيرة كل منهما قد لا يتجاوز ألف متر، بحيث يصل أحياناً عدد القطع إلى 300 قطعة مما يعني وجود 300 بئر جديد على الأقل في مزرعة واحدة، كلها تسهم في نزف جديد لمياه يحتاجها إنسان هذا الوطن وتشكل احتياطيات ضرورية له.
وذكر الراشد أن الجهات المعنية إزاء هذا التحايل الجديد وقفت صامتة تتفرج والأراضي الزراعية تقسَّم إلى قطع صغيرة، ويتم تمليك المشتري من خلال وثيقة اتفاق بين البائع والمشتري لأن وزارة العدل تمنع تجزئة المزارع، ويتم الحصول على رخصة حفر للمياه من خلال الصك الأصلي، كما يحصل مالك الوثيقة على الخدمات ومنها الكهرباء وغيرها وكلها بالحيلة والتلاعب، ولا أدري كيف يمنح صك واحد أو مزرعة واحدة، هذا العدد من الرخص، بينما الجهات الحكومية ذات العلاقة ومن بينها الجهات مانحة التراخيص أو الخدمات تدرك وتعرف حجم التلاعب والتحايل وتجاوز الأنظمة، وتدرك أن هذا المسلك خطأ ومخالف للنظام.
كما بين الراشد أن مدينة شقراء انتشرت واستشرت فيها هذه الظاهرة بشكل ظاهر وملحوظ ومعلن، هناك اليوم العديد من المزارع الكبرى تحولت إلى استراحات صغيرة معروضة اليوم للبيع وتُباع علناً، ويُقام عليها عشرات، بل مئات الآبار الارتوازية الجديدة أمام أنظار الجهات المسؤولة علناً دون رقيب أو مسؤول يوقف هذا التجاوز الكبير وهذا الهدر المستمر للمياه، فأين وزارات الزراعة والبلديات والمياه وغيرها؟ أين تنفيذ القرارات؟ أين المحافظة على ثروة مهمة توشك على النفاذ وأين الالتزام بالتعليمات.
فالأراضي الزراعية الكبرى تقسَّم علناً إلى قطع صغيرة وتُباع بشكل علني، ويتم تحويلها إلى استراحات صغيرة، وكل قطعة يتم فيها حفر بئر ارتوازية أو أكثر بموافقة الجهات المعنية وبترخيص رسمي. بمعنى يتم المنع من الحصول على صك ملكية، ولكن يعطى رخصة حفر موجب الصك الأصلي، ويحصل على الخدمات موجب الصك الأصلي.
وتساءل الراشد عن: ما الفائدة من قرارات لا تُنفذ؟ وما الفائدة من قرارات يتم التحايل عليها أمام أنظار المسؤول في تلك المدن والقرى وهو يشاهد يومياً حالات التجاوز تلك ويمنح الرخص وهو يدرك أنها مخالفة للنظام؟ وما الفائدة من قرارات اتخذت لهدف إستراتيجي ووطني كبير وهي المحافظة على ثروة المياه، ثم يبقى حبر على ورق والأراضي كلها تتحول إلى آبار مزروعة في كل مكان تستنزف المياه وتهدر مستقبلنا المائي.
ثم كيف يقدم أشخاص على شراء أراضي بدون صكوك ملكية يدفعون مئات الآلاف في أراضي دون أن يستطيع تملكها ولو بعد حين، بينما المحاكم تشتكي من تراكم هذه القضايا التي ترهق القضاة وسببها أخطاء وتجاوزات من الطرفين البائع والمشتري عندما تم عقد مبايعات مخالفة للنظام وبأوراق شخصية بعيدة عن جهات التوثيق الرسمية ومن خلال استخدام أوراق لأثبتت الملكية.
وقال الراشد: هي شكوى للمسؤولين في وزارة المياه ووزارة الزراعة ووزارة البلدية، والمسؤولين في المحافظات ولجان الرقابة ومتابعة المخالفات والتعديات، وقبله وبعده مجلس الاقتصاد والتنمية. ذلك المجلس الوليد الذي فرح واستبشر به المواطن خيراً وحقق بالفعل منجزات مذهلة رغم قصر عمره. والمواطن يعول عليه آمالاً كبيرة، وهو كذلك بإذن الله- فقد اضطلع بمهمات ومسؤوليات جسام وندرك أن هذه القضية ضمن أولوياته وأنه سيضع حداً لها.
اليوم الكثير من القرى والمدن الصغيرة والهجر تعاني من شح كبير في المياه ويجلب لها المياه بالصهاريج، ومع ذلك نسمح لهؤلاء العابثين بالتحايل على الأنظمة والإسهام في شفط المياه السطحية والجوفية، حتى أوشكت حتى المياه الجوفية على النفاذ.
من حقنا أن نتساءل عن ذلك الدور المفقود للجهات المعنية كالزراعة والمياه والبلديات ولجان متابعة المخالفات وضبط التعديات.. أين هي من هذه المخالفات العلنية؟ ولماذا هي غائبة؟
اليوم هذه الأراضي الضخمة تخطط وتباع علناً بل ومن خلال إعلانات وأمام أنظار جميع الجهات المعنية.
إننا نتمنى أن يكون هناك حسم لهذه القضية، ووقف لهذا التلاعب والتحايل والذي ربما يقودنا إلى مشكلة كبيرة ظهرت معالمها الآن من خلال غور المياه إلى مئات الأمتار في الكثير من المناطق نتيجة هذا الجور في النزف في ثروة رئيسية مهمة تحتاج منا إلى وقفة جادة ومسؤولة قبل أن نتفاجأ بنفاذها.