الشيخ صالح الحصين مسيرة علم وتواضع

صحيفة شقراء- احمد العتيبي عشرة أيام هي المسافة الزمنية بين وفاة معالي الشيخ صالح الحصين ويومنا هذا، في هذه الأيام ضجت وسائل التواصل الإجتماعي وتحديدًا تويتر بآلاف التغريدات التي يذكر فيها أصحابها أمثلةً ومواقف من حياة الشيخ صالح الحصين رحمه الله. اثنان وثمانون عامًا قضاها الشيخ صالح الحصين في هذه الحياة تسنم فيها مناصب عدة في الدولة فقد كان رحمه الله وزيرًا للدولة عضوًا في مجلس الوزراء كما تولى رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالإضافة لعمله رئيسًا لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كما نال رحمه الله جائزة الملك فيصل في مجال خدمة الإسلام.
الشيخ صالح الحصين قامة علمية سامقة مزجت العلم الشرعي والفكري بالتواضع والبساطة في تمازج فريد طُبع على شخصيته الفريدة التي قلّ ما نجد مثلها، والشيخ صالح الحصين رحمه الله من مواليد محافظة شقراء ودرس بها المرحلة الإبتدائية قبل أن ينتقل لإكمال تعليمه حتى حصوله على الماجستير.
نعرض هُنا لشيءٍ مما حفل به موقع التواصل الإجتماعي (تويتر) عن الشيخ صالح الحصين، فيقول الدكتور محمد الأحمري في مقاله (الشيخ صالح الحصين شخصيته وفكره) : "رجل كأن الملائكة أدبته، وكأن الأنبياء ربته، إن أمر بشيء كان ألزم الناس له، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن منه، ولا باطنا أشبه بظاهر منه، قال ذلك الحسن البصري عن عمرو بن عبيد، وما أراني قائلا خيرًا من هذا عن الشيخ صالح الحصين." ، كما قال في جزء آخر من مقاله "وقد كان ممن يشرف بهم المنصب ولا يشرف هو به، فكان متواضعا يكره أن يقال له: معالي الوزير، ومرة قال: إن كتبت عني يا فلان فريحني ولا تقل معالي ولا مهابط. فكان يأبى كتابة وصف منصبه بـ رئيس كذا، ويأنف من الألقاب الرسمية، تلك التي يرتقي بها ويتطاول لها الصغار ، ولكنها لا ترفع الكبار مثله فهو يدرك أنها ألقاب دونه، ولا يترفع بها على أحد".
وقال الدكتور فهد السنيدي الإعلامي المعروف في تغريدات له على تويتر: " في الاحتفالات الرسمية يطلب مني أن لا أقول معالي الشيخ ولا أثني عليه وقد طلب من الشيخ عبدالحميد الزامل أن لايثني عليه أحد ولايشار إليه أنه راعي الحفل أما زهده فحدث ولاحرج فهو آية من الآيات ولعل من رافقه يعرفه"، كما يقول د. عبدالعزيز الأحمد عن الشيخ صالح الحصين رحمه الله : "من خلال لقاءاتي بفضيلة الشيخ صالح الحصين؛ إبان الاستعداد لبرنامج الشخصيات الإيجابية، رصدت عددا من الصفات، واستمعت لعدد من الأفكار لاحظت أن الشيخ صالح الحصين يتميز بالموسوعية العلمية، مع العمق في التفكير، وحسن استظهار المسائل، والحرص على التصور الصحيح للقضايا."، ويقول الدكتور محمد الفريح عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء في مقال له في صحيفة الجزيرة نشر يوم الاربعاء 28 جمادى الآخرة 1434 العدد 14832 : .. كان يجيد اللغة الفرنسية والإنجليزية مرة دخلتُ رئاسة الحرمين فإذا بوفد من أوروبا أو أمريكا والشيخ يلقي عليهم في مكان مُعدٍّ لذلك، وكان المترجم يترجم ما يقول الشيخ، فترجم جملة من كلام الشيخ وأخطأ في الترجمة، فقال الشيخ: لعل المترجم لم يسمع ما قلته لضعف صوتي فاجتهد! والصواب من كلامي هو فقال الكلام باللغة الإنجليزية، ثم جعل يتكلم بالعربي فأخطأ المترجم مرة أخرى، فقال الشيخ: لعلي ثقلتُ عليك سأتكلم مباشرة معهم فبدأ يحدثهم باللغة الإنجليزية. والذي منع الشيخ من الحديث مباشرة معهم أن هذا المترجِم قال: سأترجم كلامك فاستحيا الشيخ أن يرده." إلى أن قال :" أرى أن من الوفاء له أن تنشأ مؤسسة خيرية باسمه واسم إخوانه تطبع كتبهم وتشرف على دعاتهم وتدير وقفهم وأعمالهم الخيرية، كما أقترح أن تجمع جميع كتب الشيخ ومقالاته وكلماته ورسائله وما هذَّبه من الكتب كتهذيبه لكتاب الاقتضاء لابن تيمية، وما ترجمه من الكتب ككتاب الطريق إلى الإسلام لمحمد أسد، وتطبع في مجلدات تكون: باسم مجموعة كتب ورسائل الشيخ صالح الحصين. وأقترح على الأقسام العلمية في الجامعات والمعاهد تسجيل رسائل علمية في البحث عن جهوده العلمية، والنظامية «القانونية»، والإغاثية، والدعوية، ومنهجه في الحوار والإدارة وغيرها." .
هذا غيضٌ من فيض ما قيل عن معالي الشيخ صالح الحصين رحمه الله، وبوفاته رحمه الله فقدت المملكة أحد أبنائها البارعين المميزين الذي بذل عمره ووقته في خدمة دينه وبلده، ولا يسعنا الآن إلا أن نترحم على الشيخ صالح الحصين ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.