بداية لابد من المرور على ما تعودنا عليه من كثرة ما يرويه الأجداد من قصص بعضها خيال مستمد من حقيقة ، وبعضها الآخر تثبت الشواهد اقترابه من الحقيقة حول السعلو والذي يعني آكل لحوم البشر.
أما الخيال الصرف فليس مجال قصتنا تلك ، لأن ما ورد فيها معروف تواترت روايته جيلا بعد جيل على مر عشرات السنين أي منذ ما قبل الفترة الأولى من التاريخ السعودي أي في أول القرن الثاني عشر الهجري ، كما أن المكان معروف وبطل القصة معروف أيضا و أهالي الإقليم ( المحمل والوشم ) يعرفون ذلك جيداً ويؤكدونه .
ففي وقت مضى وأيام طواها الزمن قرابة 250 سنة وتحديدا في جبل يسمى ( عريض) الواقع في جنوب إقليم الوشم بينه وبين اقليم المحمل والشعيب تهيأت الظروف لوجود شخص يعيش في غار هناك هو في الواقع مجرى علوي لشعيب ، نحته السيل ليحدث فجوة عرضية تظللها صخور تشكل سقفاً لغار كبير يأخذ كل المجرى العلوي للوادي .
قيل عن الرجل هذا آكل لحوم البشر ( السعلو ) أنه من أفريقيا وقيل من الجزيرة له بشرة سمراء وكان يصحب أمه وأباه ، وليس هذا أو ذاك مهما ، ولكن الأهم أنه سكن هذا الغار الذي يقع في السفح الشرقي للجبل يقابل مدخله ناحية الشرق بينه وبين الناظر بعض الآكام والتلال تحجبه عن الرؤية المباشرة ، وبالتالي يكون غارا قصيا محجوباً عن الناظر له ، لا يرى من بعيد ، ويرتفع مسافة تتعب من يرقاه ويظهر منحوتاً مع الجانبين ليشكل غاراً مسقوفاً بطبقة صخرية صماء مجوفاً على شكل نصف دائرة وهو مصب ماء السيول للوادي ،ويتسع لعدد كبير من الناس حوالي ( 50 ) أو أكثر .
ولأن الرجل هذا ( السعلو) لا يعمل في زراعة ولا رعي ولا صيد ولا إنتاج صار يصطاد البشر ويأكل لحومهم كما تقول روايات أهل المكان ، ونحن نعلم أيضا أن ذاك الوقت كان الجوع في نجد شديدا ولا يوجد ما يؤكل حتى أنها كانت تؤكل الميتة وتنتشر المجاعة وتحصل النزاعات على الغذاء .
كان هذا السعلو كما هو معروف بهذا اللقب ، يقوم باحتجاز ضحيته في الغار فيأكل منها ويطعم أمه وأباه ، ويبقي مخزونا مناسبا لفترة من الزمن ، فكان يوثق الأشخاص حتى لا يتمكنوا من الهرب ويبقيهم أحياءً ( حتى لا يتعفن لحم الميت)، كما أنه و من باب الحيطة يقوم بسلخ أرجلهم حتى لا تتمكن الضحية من الهرب في حال انفلت من وثاقه أو جاء من يساعده .
وقد مضت فترة من الزمن ، رغم أن الأماكن المحيطة بالجبل لا تخلو من رعاة أو صيادين أو ممن يجمع العشب من أهل البلدان القريبة .ولكن لم يلاحظ وجوده و خطره أحد .
وشاء الله أن يقترب يوما من الأيام رجل من أهالي بلدة رغبة ، وهي بلدة من بلدان المحمل تبعد 130 كيلومتر شمال غرب الرياض ، يقال له ( سليمان بن محمد بن خنيزان ) ويلقبونه بالواردي ، لأنه كان ماهرا في التسديد بالبندقية فلا يكاد يخطيء الهدف. وعائلة الخنيزان معروفة في بلدة رغبة حتى الآن.
شاء الله أن يقترب البواردي من الغار والدخول إليه بسبب وجود بعض الأمطار وتغير الأجواء وقت الضحى في يوم من الأيام التي كان يقوم فيها بالقنص كعادته كل يوم ، وفي يده بندقيته وهي من نوع ( فتيل ) وكان ويتبعه في رحلة الصيد دائما ، سلقة يسميها نجوم ، وعند اقترابه من الغار وجد علامات تدل على وجود أحد فيه والعلامات والدلالات كثيرة وساوره إحساس بهذا لقرائن ، قد تكون رائحة وقد تكون صوتاً وقد تكون آثار في الأرض ، أو دخان نار أو غير ذلك ، فدخل متحسساً متوجساً حذرا مرتاباً من كل شيء حوله وأمامه كأنما يختل صيداً ويرفق في خطواته خوفاً من إفزاعه أو لفت الأنظار إليه حتى يتبين الأمر .
ولكن المفاجأة التي لم تخطر على باله هي أنه وجد ما يهول العقل وتخور القوى من منظره ويفت العزم من بشاعته .
وجد رجلا مكبلا مسلوخ القدمين يتكلم معه ويعرفه ويقول له : يا ابن خنيزان انحش ( اهرب ) واطلب الفزعة ولا تخليني .
ووجد شخصين كبيرين لا يكادان يتحركان ، وتبين أنهما الأبوين للرجل غير المتواجد في الغار فهو يذهب حول الجبل يصطاد البشر ويأكل لحومهم هو ووالداه المتواجدان على الدوام في الغار ويقومان بطبخ اللحم البشري.
الوضع مخيف حقاً ، والحكاية يتناقلها الناس من القديم وهي معروفة عند أهالي الإقليم متواترة ، حتى أن الغار حتى الآن يخيف من يتجول حوله لعزلته ولحكايته تلك ، ولا أخفيكم أنني شعرت بالقشعريرة والبرودة وقت دخوله وأنا في وقت الحر.
عرف سليمان بن خنيزان حكاية الغار ومحتواه وتوجس قدوم الرجل الذي يهاجم البشر والذي سماه أهل المنطقة ( سعلو عريض ) نسبة إلى جبل عريض هذا.
وعرف أنه قد ينجو بنسبة قليلة ذلك لأن البندقية التي يحملها لن تسعفه إلا بطلقة واحدة فقط ثم تحتاج إلى تغذية من جديد بالبارود واللقيم المصاحب من حصى أو رصاص ، وهذا يأخذ وقتاً يصل إلى دقيقتين أو ثلاث .
وهو يعرف أنه لن يخطئ هدفه على الإطلاق لكن قد لا تصادف بالتأكيد مقتلاً .
قيل أنه قضى على والدي الرجل ، ثم انصرف يريد العودة إلى بلدته رغبة للاستنجاد بالجماعة وفي الوقت نفسه يترقب مفاجأة السعلو الذي حتما يرقب المكان وهو في طريقه من هنا أو هناك.
كما أنه يسمع استغاثة الرجل الضحية الذي لا يقوى على المشي والذي سلخ السعلو قدميه ، يسمعه وهو يقول : يا بن خنيزان لا تتركني عجل استنجد أحد ، بهذا المعنى وبمثل هذه العبارة ردد حزنه وحسرته .
انحدر بن خنيزان باتجاه الشرق وهدفه الوصول إلى رغبة من أجل طلب النجدة ، وأيضا لديه الاستعداد لما يمكن احتماله وهو ظهور السعلو عليه من تحت أي صخرة.
وبالفعل ظهر الرجل السعلو وهو يجري بسرعة مهولة ، وفي يده رمح يتكيء عليه ويقذف به هدفه .
فلما اقترب من ابن خنيزان بقبالة روضة أم الشقوق المعروفة والتي تبعد عن رغبة 7 كيلو تقريبا ، والإثنان يجريان التفت بن خنيزان وأطلق النار على السعلو ، فاصابته الطلقة إصابة بليغة في الفخذ.. ولكن لم يقض عليه وبقي السعلو على سيره برجل واحدة قفزا كما يقفز الكنغر
و من حسن الحظ صار في طريقة شجرة من السلم أخذ بن خنيزان يلتف حولها وفي الوقت نفسه يحشو البندقية بالبارود الذي يحمله معه في قرن معلق على كتفه ، وبالفعل تمكن من حشو بندقيته للمرة الثانية وربما تكون هي الأخيرة إذ لا وقت بعد ذلك لثالثة أو رابعة فالوقت قد انتهى إما إلى حياة أو موت .
فأطلق عليه الطلقة الأخيرة فاصابته في مقتل وسقط الاثنان على الأرض وقد فقد بن خنيزان وعية ، ومات السعلو في مكانه.
ولم تنتهي القصة .
فقد أكملت ( السلقة ) مهمة انهاء هذا المشهد حيث حامت ودارت عدة مرات على صاحبها الطريح في الأرض يحدوها الوفاء والألفة ، ودارت في تودد ونحيب حوله ثم دارت لعل وعسى يستجيب لكن دون فائدة ، فاتجهت بسرعة إلى بلدة رغبة وحثت السير حيث يلزمها أكثر من ساعتين على الأقل ، وكان الوقت ضحى ، فوصلت الجماعة في مجلسهم المشراق والجمع كثير ، فدارت حولهم وهي تنتحب وتنادي بصوت حزين يستحث السامع .
فقالوا غريب أمر هذه السلقة ، ليس من عادتها مفارقة صاحبها وقيامها بمثل هذه الحركات حولنا وكأنها تنادينا لشيء حصل للبواردي .
هذه سلقة بن خنيزان ، سليمان
هي بالفعل سلقة البواردي فأين هو ؟
لا شك أن وراءها أمر ، وكلما قام بعضهم يتبعها انطلقت نحو الغرب باتجاه صاحبها ، وكلما عاد الرجل عادت وكأنها تنادي المدد وتستنجد.
وتأكد لهم أن صاحبهم قد أصابه مكروه ، والمتوقع أن يكون قد سقط من مرتفع أو أغمي عليه من مرض أو تعرض له سبع.
فلما تبعوها أوصلتهم إلى المشهد الأخير من قصة المأساة التي حصلت في الغار
ووجدوا صاحبهم على قيد الحياة فأسعفوه وأخبرهم بالقصة كاملة وهالهم بشاعة الحدث وأعمال السعلو ومنظره و أنقذو ذاك الذي في الغار حيث كتبت له الحياة .
إنها قصة حقيقية تواترت روايتها والكل يعرفها خاصة سكان الإقليم .
وهذا الغار يسمى الآن غار : السعلو ، أو غار بدها أو غار بن خنيزان ، ويؤكد الأخ ناصر بن ابراهيم الخنيزان وهو من عائلة سليمان بن عمه ، وقد لقب اليوم يمثل لقبه أي بلقب ( البواردي ) يؤكد تواتر هذه القصة ، كما يضيف عن ملاحظة المكان أن الغار يوجد فيه بعض العظام البشرية بل وجمجمة بشرية سبق وأن وجدها هناك ، وأن أتربة فيه تغطي مخلفات من هذا النوع ويستحق من الآثاريين زياردته ، ولم يتخذ هذا الغار بالذات مكاناً للتنزه ذلك لأنه ليس مكاناً يأنس فيه أحد بعد قصته تلك .
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
ابومشاري
قصة تخوف وأنا أشهد إن ابن خنيزان بطل وشجاع
سمعت هذه القصة لكن تو أدري إنها قريبة من الوشم
يعطيكم ألف الف عافية
06-05-2013 07:27 مساءً
الوشم نت
تحية لصحيفة شقراء الالكترونية على ماتقدمه من اخبار ومعرفة
10-05-2013 01:55 مساءً
مروان السعلو
ههههههههه سوالف يقطعون بها الوقت ماعندهم جرائد ولا تلفزيونات ولا نت
المثل يقول (( حدث العاقل بنالا يليق فإن صدق فلا عقل له ))
11-05-2013 01:55 مساءً
شقراوي وافتخر
13-05-2013 01:24 صباحًا
رغباوي
القصه حقيقيه ذكرها لي جدي رحمه الله ...
19-05-2013 04:13 مساءً
سعد
ايه ذا اللي عند الدبيجة
بس ليش ما ذكرتوا الديرة عشان الناس تحدد مكانه بالضبط؟
20-05-2013 09:57 صباحًا
عبدالرحمن
22-05-2013 10:28 مساءً
عبدالرحمن
القصه اكثر من 100 سنه وذكرلي ايها جادي الله يرحمه ويرحم اموتنا وناس اجمعين
22-05-2013 10:26 مساءً
ابو حماد
31-05-2013 01:22 مساءً