.
بينما كنت أتجول في إحدى الاسواق لفت نظري طفل في العاشر من عمره ، وهو يحمل بكت سجائر فسألته: لمن تلك يا أبني ؟!! فرد على : طبعاً هي لي ما تشوف اني رجال؟!!! ولم استطع اللحاق به لأنه اختفى كلمح البصر بعد أن دفع قيمة الدخان، واستغربت من سلوك هذا الطفل الصغير والذي نعده والنشىء مستقبلاً لحمل رأية الأباء في التعمير وبناء هذا الوطن الغالي وقلت في نفسي: هل بلغت بنا الغفلة أن يتجرأ هؤلاء الأبناء بالمجاهرة والافتخار ونسب الرجولة إلى الدخان!! وأين الجهات الرقابية في تطبيق نظام مكافحة التدخين ولماذا لا يتم يطبق المادة (8) الفقرة (4) والتي تنص على : "للحد من بيع التبغ ومشتقاته يراعى ما يأتي : ألا يباع الدخان لمن تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً" وهنا يقع علينا دور كبير في التبليغ على البقالات التي تبيع الدخان لمن هم أقل من 18 سنة ، وهذا الدور هو المأمول من كل مواطن ومقيم فالمواطن كما يقول ولاة أمرنا رجل الأمن الأول، فقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابد أن تكون حاضرة بيننا وفي الحديث(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) .
إن من فضل الله تعالى على خلقه أن جعل دين الإسلام دين يسر وواقعية فهو لا يطالب معتنقيه بأمور فوق طاقتهم لا يمكن لهم فعلها ، فهي إما أن تسقط عليهم بالكلية أو تخفف عنهم إلى درجة تتناسب مع قدراتهم وطاقتهم، ولقد جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وقد وضحت ذلك يقول تعالى: ( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) سورة البقرة: 286.ويقول تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) سورة التغابن: 16.يقول تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) سورة البقرة: 185.ويقول صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) فهذه النصوص الشرعية تبين بوضوح أن الإنسان لا يكلف فوق طاقته في أي أمر من أمور الشرع، ولاشك أن النهي عن منكر بيع الدخان لمن هم دون الـ 18 فهو في طاقة المكلف فكما يمكنه أن ينصح هذا الطفل بعدم تكرار شراء الدخان وتعاطيه ولا شك أن هذا يدخل في باب النصيحة باللسان وهو أمر مقدور عليه وأما استخدام اليد لتغيير هذا المنكر بنزع بكت الدخان وتمزيقه فهذا حق لا يمتلكه وإنما الواجب عليه أن يبلغ الجهات التي تطبق نظام مكافحة التدخين كالشرطة أو برنامج مكافحة التدخين التي لديها تطبيق للتبليغ عن مخالفي نظام مكافحة التدخين ، كما يمكنه أن ينكر هذا المنكر بقلبه وهذا بلا شك أضعف الإيمان ، ولكنه موقف سلبي لا يخدم مكافحة آفة التدخين.
وفي تصوري أن أفضل طريقة لمكافحة هذه الظاهرة هو تبليغ الجهات المنوط بها تطبيق نظام مكافحة التدخين ، وكذلك اسداء النصح للمجاهرين من الأطفال بالنصح ، وإذا أمكن تبليغ أولياء أمورهم بذلك حتى يراقبوا أبنائهم وينتبهوا لهذه الظاهرة الخطيرة ، ولكن بأسلوب لطيف ، وحكمة بعيداً عن العنف والتعنيف ، كما يجب علينا أن ننبه الآباء الذين ابتلوا بالتدخين ألا يرسلوا ابنائهم إلى البقالات لشراء الدخان لأن ذلك سيعد في نظر أبنائهم أنها سلعة مباحة ، وعلى أصحاب البقالات أن يحترموا الأنظمة والقوانين ذات الصلة بمكافحة التدخين ويمتنعون عن بيع الدخان لمن هم دون الـ 18 عاماً.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم