.
الخلاف سنة كونية لابد ان يقع في هذه الامة يقول تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ )، وفي هذة الآية يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة ، من إيمان أو كفران كما قال تعالى :*( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا )*
وقوله :*( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )*أي : ولا يزال الخلاف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
والبشر كما نعلم ليسوا سواء في الفكر والفهم والنظر والادراك ولهذا لابد ان يقع بينهم الخلاف ، وقد يكون الخلاف منتجا وبناء ومفيدا إذا كان الخلاف فيه تنوع في الاطروحات دون تضاد وفي الغالب ينتج عنه افكار مبدعة وآراء مثمرة تفيد المجتمعات وتسهم في تقوية اللحمة الداخلية لهم وتشيع بينهم المحبة والإخاء .
واختلاف التنوع نحن في حاجة إليه لنشر ثقافة التواصل والمحبة والسلم الاجتماعي واحترام الراي والرأي الآخر إذا كان منضبطا بضوابط الشرع والقيم العليا في المجتمع وكان فيه تأدب بأدب الخلاف بعيدا عن السب والشتم والخوض في الأعراض واتهام النيات وخلق اجواء من المشاحنات وسوء الظن .
إن التأدب بأدب الخلاف يمثل عنصر حضاري يشيع منه معاني الخير والرحمة والألفة والسعادة بين الاشخاص المختلفين ، فالتعامل مع قضايا خلاف التنوع بأدب واحترام بهدف الوصول إلى الحق يكون عاصما من الفرقة والاختلاف وهناك قاعدة مهمة لشيخ الاسلام ابن تيمية يجب وضعها نصب اعيننا الا وهي قوله : (لو ان كل مسلمان اختلفا في مسألة وتفرقا عليها ما بقي للمسلمين عصمة ولا إخوة) ... ثم حكى ..ان أهل الفضل من الصحابة قد اختلفوا في بعض القضايا التي تتعلق بفرعيات العقيدة كرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء والمعراج وسماع الموتى في قبورهم وغيرها.. ولم ينكر الصحابة على المخالف بل تعاملوا معه وفق ادب الخلاف المعهود فيما ينهم ونحن مأموين باتباعهم.
اما الخلاف المضاد الذي يخالف اصول الدين فالواجب هو نصح المخالف بضرورة مراجعة اهل العلم والفتوى في ذلك وعدم الخوض معه في جدال عقيم التزاما بقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) واما الخلاف في القضايا الحياتية فيجب ان يكون بالتي هي احسن وفق مرجعيات ومعايير متفق حولها فإذا وصل الخلاف إلى طريق مسدود يجب تحكيم جهة محايدة لحسم هذا الخلاف وإلا فإن الانسحاب من الجدال الذي لا ثمرة منه ولا نتيجة يكون من اوجب الواجبات.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم