.
في آخر مقال تحدثت فيه عن الصراع الليبي كنت أتمنى كما يتمنى الليبيون وجميع الشعوب العربية أن تحل الأزمة الليبية داخل ليبيا في إطار حوار وطني للخروج سريعاً من الأزمة قبل تفجر الأوضاع وعدم السيطرة عليها وكنت متخوفة كثيراً من تكرار السيناريو السوري هناك لأن روسيا وتركيا اللاعبين الفاعلين الذين قرروا مصير سوريا هم أنفسهم الذين يتحركون الآن لتقرير مصير ليبيا في نسخة حديثة من التجربة السورية يلتقيان كخصمين لدودين ! رغم أن المراقبين للوضع العسكري أكدوا أن الطائرات التركية أمنت إنسحاب الجنود الروس من بعض مناطق الصراع بعد تقدم قوات حكومة الوفاق !
وهذا مايفسر أيضاً وجود محادثات روسية تركية للتفاهم بشأن الملف الليبي أو دعونا نقولها بشكل أوضح لتقاسم النفوذ على الأرض الليبية فروسيا ربما تسعى إلى انشاء قاعدة أخرى في المتوسط وتركيا تستغل الأزمة لضمان حصولها على الموارد البترولية كما أنها في الوقت ذاته ستشكل تهديداً للجار المصري لإعادة إحياء مشروع الإسلام السياسي في المنطقة وورقة إبتزاز أخرى لأوروبا بشأن المهاجرين !
هذا بعدما توالت الهزائم على الجيش الوطني بقيادة حفتر الذي سارع إلى طلب الدعم المصري والذي جاء في صورة مبادرة حملت إسم "إعلان القاهرة" لطرح عدة مقترحات اشتملت على وقف إطلاق النار ودعوة أطراف النزاع إلى الإلتزام بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا والعمل على الوصول إلى تسوية سياسية لكن لم تلقى أي تجاوب من قبل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وداعميه الذين يحشدون إستعداداً لمواصلة السير بإتجاه المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني لذلك ربما يكون التدخل العسكري وارداً بعدما لوح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهذا الخيار في أعقاب الأحداث الأخيرة التي مكنت قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا إلى التقدم بإتجاه الشرق بعد حصارها طويلاً في العاصمة طرابلس غرباً وتراجع قوات حفتر المدعومة من مصر مايزيد من سوء الأوضاع في ليبيا بسبب تعنت الأطراف المتنازعة واستعصاء الحل السلمي وفي ظل اشتداد الصراع وسط صمت أمريكي ودعوات بين الحين والآخر لحل القضية سياسياً ورفض التدخل العسكري من جميع الأطراف وإخفاق أوروبي من جهة أخرى وفشل عربي وتحرك إفريقي خجول تتجه ليبيا إلى فقدان بوصلتها بشكل أسوأ من مابعد سقوط القذافي وبرأيي لم تأخذ العبر والدروس من التجربة السورية المريرة التي رأت في التدخل الأجنبي ضرورة ملحة من أجل إنقاذها وتجزأت بين مؤيد لهذا ومعارض لذاك وفقاً لمصالح وارتباطات سياسية وحزبية ومذهبية !
ونسيت أن وحدة الشعب في مثل هذه الظروف مهمة من أجل الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر ونسيت أيضاً أن الحل بيدها لابيد الأطراف الخارجية التي لاتهتم سوى لمصالحها الخاصة وأن دخولها بأي شكل سيعقد المشهد أكثر ويفاقم الوضع سوءاً ليبيا بحاجة إلى حل ليبي ليبي لاإلى مسودة من الأجندة الخارجية تملي عليها ماتفعل لإنقاذ نفسها وعليها أن تحاسب الأطراف المتنازعة التي أقحمت ليبيا في صراعهم على السلطة ودمرتها وارتكبت الكثير من الإنتهاكات بحق الليبيين وجميعنا يرى كيف كان أثر التدخلات الخارجية على أي وطن هو بمثابة ضوء أخضر لتعطيل الحياة فيها وسرقة مواردها وقتل أبنائها وساحة صراع بين القوى الإقليمية والدولية المتنافسة ..!
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم