.
ما أنت عليه اليوم قد يتبدّل في لحظة ، ما كُنْا نتوقع خلو المساجد من المصلين والاكتفاء بالآذان إذعاناً لدخول وقت الصلاة ، ما كنا نتوقع خلو الشوارع ولا انطفاء الأنوار ، ولا حظر التجول ، ما كنا نستوعب إغلاق المحلات في وقتِ مبكر وابتعاد الأهل والأحباب عن التجمعات وحتى الاقتراب ، كنا نرى أن السلام ” بالنظر ” دليلُ عِتاب واليوم أصبح ” من باب الصحة ” اشتقنا كثيرًا لضجيج البشر وتلك الأماكن المزدحمة و روائح القهوة هنا وهُناك .. اشتقنا كثيرًا لتلك الزيارات المتبادلة بين الأهل والأصدقاء ، واشتقنا أكثر لأصوات الأئمة تنادي لصلاة ، فيتسابق لها المسلمون ، شوقاً و حُباً و خوفا ..الآن أدركنا أن حياتنا التي كنا نصفها ” بالمُملة ” ما كانت كذلك ، كانت مليئة بالأحداث ، مُلونه بالصور ، مُزينة بالمواقف التي لا تُنسى والحكايات الجميلة التي مازالت تحنُ لها أسماعُنا، كنا نراها مُجرد ” روتين قاتل ” فأصبحنا نراه عالم من المغامرات والقصص المسلية .. كنا نراها لوحةً بيضاء مهما كُتب عليها غير واضح ، وأصبحنا نراها لوحةً سوداء كل شئ عليها كالشمس الساطعة ، كنا نملّ من تلك الزيارات المتكررة والاتصالات في الأوقات المتأخرة ونصفها بالمزعجة ، اليوم نراها احدى التفاصيل المثيرة والمبهجة … كم هي عجيبة هذه الحياة !!
كانت جدًا سهله وبسيطة ، كانت لا تحتاج منا سوى ” للقناعة ثم الابتسامة والفرح ” جميلة تلك الأقدار التي هي بيد لله وحده يُقلبها كيف يشاء ، جميلة تلك الخيارات التي ما اخترناها لأنفسنا بل اختارها الله لنا لأنه سبحانه يرى فيها الصواب ، والأجمل هو ” حُسن الظن بالله تعالى فهو المعطي وهو المانع ” ما دامت النُعم إلا بالشكر ولا ازدانت الحياة إلا بتلك النظرة المليئة بالأمل .. سريعة هي الأيام ، واحتضانها لكثير من الذكريات ، وها هو رمضان قد لاح هلاله ، جاء حاملاً معه تباشير الفرح ومن الخير والرحمة ما يُنسيك التعب ، جاء ليُبدّد أحزانك ويملأ قلبك بالرضا والسرور ويمنحك السلام ، عانق معه القلوب الطيبة وصافح تلك العقول النيّرة ،
فلا تُشغلك جائحة كورونا عن الحياة ، بل استشعر عظمة هذه الليالي واغتنمها
هي " منبه " للغافلين .. " مُحفز " للحالمين .. هو رسالة من الله مفادُها تأمل وتعلم ثم اعمل ..
جدّد مع هذه الأيام أفكارك وعدّل مسارك وأعد بفكرك للوراء قليلاً كي تتأمل وتتبصّر .. فلا تُشغل عقلك گثيرًا بأحداث اليوم ، ولا تكن قلقاً متوجّس وخائفاً مُترقب ، تذكّر كم من أزمه مرّت بك ونجّاك الله منها ، حينها ستُدرك بأن من عافاك في الأولى سيُعافيك في الثانية ..
مع رمضان يكتمل الفرح ، ويُعاد الهدوء والطمأنينة لتلك النفوس ، تجوب معه عالم النقاء ويأخذك الحنين لذكريات الطفولة حيث معها لا شئ يُزعجك ...
رمضان أقبل يا أولي الألباب
فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة
فتنبهوا فالعمر ظلّ سحاب
وتهيؤوا لتصبّر ومشقةّ
فأجور من صبروا بغير حساب
الله يجزي الصائمين لأنّهم
من أجله سخروا بكل صعاب
اللّهم بلغنا رمضان وأعنا على الصيام والقيام وقراءة القرآن
اللهم اكشف عنا هذا الوباء، يا عالِم كل خفية، يا صارف كل بليّة، ندعوك بما اشتدت به فاقتنا، وضعُفت قوتنا، وقلت حيلتنا، اللهم ارحمنا وأغثنا، والطف بنا يا رحمن
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم