• ×

04:38 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

ناصر عبد الله الحميضي
بواسطة  ناصر عبد الله الحميضي

العالم يستيقظ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
.



عالم اليوم يستيقظ من غفوة لم يحسب حسابها ولا ما بعدها. وجد نفسه في مواجهة الوباء كورونا وهو منغمس في خطط حاضرة ذات صلة بالتطوير والنماء والحرب والسلام والعلاقات والصراعات ..الخ.
والحديث عن المرض العام و وحضور رؤية الأزمات المصاحبة له لا يفترض أن تغيب عن المخططين في العالم وإن كان لم يشهد مثله منذ قرن أو أكثر .
و الأوبئة عموما والأمراض التي تنتشر بين وقت آخر فتأخذ وقتا يطول ويقصر مخلفة وراءها خسائر في الأرواح والأموال ؛ كانت هاجس أهلنا السابقين رغم صعوبة حياتهم ، ولم تغب عن بالهم لحظة من اللحظات لكنهم لا يجدون العلاج ولم يحاول الطبيب الشعبي مواجهة الأوبئة ذات الأثر الكبير وكل محاولاتهم لا تعدوا أن تكون تطمينا للمرضى ببعض مالديهم من أعشاب أو سوائل ولكن لم يسجل لمثل تلك الأدوية الشعبية فائدة وفاعلية تذكر ، وواجهوا تلك المصاعب بالتوكل على الله فكانوا لا يفترون عن الدعاء وسؤال الله السلامة منها ، كما أنهم كانوا يتوقعون حدوثها وهذا هو المهم ونحن نفتقده، ولهذا كانت معاملاتهم تجري وفق ترقب ورؤية أن القادم مختلف .
وكون المستقبل والقادم من الأيام في قناعتهم مختلف ، لا يعني التشاؤم ولكنه يعني لهم أن الغد ليس كاليوم فلا تنطبق الخطط التي يعملون وفقها على كل المستقبل إلى الأبد ولكنها قابلة للتغيير.
كانوا يتعاملون على رجاء أن يكون غدهم لا يتحمل تبعات يومهم الذي يعيشون فيه .
عكس رؤية العالم اليوم وما يجري فيه ، فالعالم اليوم يرى بكل تأكيد أن غدا هو امتداد ليومهم وتبنى كل الخطط على هذا الأساس دون حساب أزمة طارئة من وباء عام أو ما شابه ذلك من أي أمر من الأمور التي لم يحسب لها حساب فتجتاح كل شيء وتأكل الأخضر واليابس ، والدليل مفاجأة كل القطاعات في العالم لفيروس كورونا وكل الخطط كما نراها وليدة اللحظة.
وإذا أخذنا ما نحن فيه اليوم ورؤية العالم للوباء الذي جثم دون استئذان ؛ على العالم مشتعلا في دوله كالحريق في الهشيم ، تبين لنا أن العالم وإن كان يظنه مستعدا إلا أنه لم يحسب لهذا حسابا ولم تكن هاجس أحد من مفكريه أو كتابه أو حتى صانع الخيال ، ولو بحثنا في سابق الأيام لم نجد إشارة إليه. كما أن سرعة الانتشار للوباء تبين بوضوح الخلفية التي عليها العالم
لاشك أن العديد من دول العالم ممثلة في القطاع الصحي خاصة وغيره من القطاعات ذات العلاقة باحتواء المشكلة بذلت ما بوسعها من جهد وأولت جانب الوقاية والعلاج جل اهتمامها ، ولكن تناول المشكلة من الأساس يوحي بالمفاجأة لعالم في غفوة ، ومثل هذا الوضع يعكس شيئا من الهلع في تناول المشكلة بعكس ما لو أن هذا كان متوقعا حتى ولو لم يقع.
هذا هو الفرق بين أهلنا السابقين الذين لا يملكون أي أسباب مادية تحتوي مشاكل الأوبئة وما يترتب على حدوثها من أزمات اقتصادية واجتماعية وغيرها ، وبين عالم معاصر تملك دوله في ظنها كل شيء.
وفي ظل هذه الأزمة يتضح شيء من الترنح كما يلي :
مختصو علم الاجتماع وعلم النفس حضورهم قليل أو غائب.
مختصو الاقتصاد أيقظتهم الأزمة فحضروا وكأنهم تفاجأوا بها ومعهم كامل الحق في ذلك لأن الفيروس يصيب مفاصل الاقتصاد بشكل مباشر.
مختصو الصحة ظهروا بقوة وتلك القوة قد تكون مفيدة و مفزعة أحيانا
مختصو التعليم لم تكن لديهم الأدوات رغم وجود الحماسة ، فجاء التعليم عن بعد غير مكتمل ولا مجرب من قبل.
الأعمال الوظيفية لم تكن هناك أدوات تمكن من العمل عن بعد بشكل يضمن استمرارية العمل كما يجب.
وهكذا قطاعات النقل والمواصلات والسفر والتنقلات بين الدول.
قطاع السياحة أصيب بالشلل التام عالميا ولم يكن في حسابه رؤية يمكن الأخذ بها غير التوقف.
التجارة المحلية و أيضا ذات العلاقة بتوفير وسائل السلامة والوقاية استغلت الوضع
القطاعات الصحية الخاصة المؤمل حضورها ومشاركتها ولو بالتوعية لكنها شبه غائبة
فكرة التفرق و منع التجمعات في ساحات الأفراح أو دور العبادة والمساجد و المدارس وغيرها لم تكن حاضرة قبل الأزمة ولم يسبق لها فكرة أو توعية ولم تطرح أصلا في أي برنامج ، ولم يرد بشكل واضح في أي فتوى أو خطبة أو مقالة أو برنامج إمكانية تنظيم صلاة الجمعة وتقليل العدد ولا اختصار الخطبة والصلاة ولا إمكانية تخلف المصاب عن صلاة الجماعة ، فهذه كلها لم يكون لها حضور قبل المشكلة وإنما كانت كلها وليدة اللحظة ، ومن المعلوم أن بعض أفراد المجتمع يحتاج إلى وقت لكي يستوعبها بالشكل المناسب ويتقيد بها .
وفي دول قد توصف بالتخلف شيئا ما ، استخدموا بعض الخرافات والأعمال التي تدل على جهلهم للوقوف دون انتشار الفيروس وهو عمل يدل على إصابة العالم في بعض بقاعه بالجهل ، وهذا الجهل لا يقتصر عليه وحده بل يضر العالم أجمع.
ولو أن لدينا احصاءات سريعة لعشرات الدول وأعداد الذين أصابهم هذا الوباء الذي بدأت شرارته في الصين لوجدنا أن سرعة انتشاره جعلت كل دولة فيها ما لا يقل عن 100 مصاب أو أكثر بل إن في أوروبا 100 مليون في الحجر الصحي ، وأن أعدادا كبيرة تتزايد لتؤكد أن المشكلة ليست سهلة.
وفي الختام تبين من أزمة هذا الوباء أن العالم كله مرتبط ببعضه رضي أم لم يرض ، فما يصيب فرد منه لا يعني أن الآخرين في معزل عن مصيبته ولا يمكن التخلي عنه ، ويبدو أن هذا العالم تنبه لهذا وتوحد يريد أن يجابه المشكلة بكل أفراده و صار يعي ربما لأول مرة أنه لا يمكن تجاهل جزء منه ولا حتى فرد من أفراده ، نسأل الله أن يحمي عبادة ويرحم ضعفهم في العالم كله ، ورب ضارة نافعة والله أعلم .

 0  0  634


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...