• ×

04:08 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

عبدالعزيز بن محمد أبو عباة
بواسطة  عبدالعزيز بن محمد أبو عباة

الإنسانية مصطلح يحتاج إلى تصويب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
.
**

إن الله عز وجل خلق الإنسان في هذه الحياة الدنيا لغاية عظيمة وهي عبادته سبحانه، وحدد له العلاقة بينه وبين ربه، وبينه وبين نفسه وبينه وبين أفراد المجتمع، فعلاقته بربه علاقة عبوديه وذل يقول تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) فالله فعل الأول وهو خلق الإنسان ليفعل الإنسان الثاني وهي عبادته سبحانه، أما علاقة الإنسان مع نفسه فهي علاقة ذاتية تتسم بالرقابة والمحاسبة والتربية فالنفس أكثر ما تحتاج إلى ترويضها وتربيتها على معالي الأمور، والإيثار ومحبة الخير، وكراهية الشر والسعي نحو تحقيق العدالة والإنسانية حتى يتسنى له العيش مع الآخر، أما علاقاته بأفراد المجتمع هي علاقة تعاون وتعاضد، ومشاركة وعمل يسهم في تحقيق الوحدة والانسجام وفق منظومة يتعارف عليها المجتمع وقيم مجتمعية بعيداً عن نزعات العنصرية، والقبلية، وحب الذات.
ولقد كرَّم الله سبحانه وتعالى الإنسان وميَّزه عن سائر المخلوقات، كما جاء في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين:4]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات:13]، فإذا كان الإنسان عابداً لله عز وجل عالماً بواجباته مزكياً لنفسه محباً للخير فإنه يستيطع أن يتعايش مع أخيه الإنسان سواء في الأسرة أو المجتمع أو العمل، فإذا فهمنا هذه العلاقة (علاقة الإنسان بربه ثم نفسه ومجتمعه) والتي هي علاقة تكامل تنتهي بتحقيق العبودية المطلقة لله عز وجل، فمعنى ذلك أن الإنسان عليه واجبات وحقوق يجب أن يحترمها ولا يتجاوزها، فإذا تجاوزها فإن هناك أنظمة وقوانين تحدها، وتحافظ على الحقوق بعيداً عن اللونية أو المحاباة، والحمد الله نحن في بلادنا حقوق الإنسان محفوظة تحرسها الأنظمة والقوانين الإسلامية، كما أن رؤية 2030 اهتمت بالإنسان السعودي، من حيث تأهيله وتوفير الحياة الكريمة له من خلال تحقيق الاستدامة المجتمعية من حيث التكافل، والتدريب الذي يسهم في تطوير الذات، وزيادة فعالية الإنتاج بما يحقق ريادته، وتعففه بعيداً عن الاعتماد على الغير مستفيداً من ثروات المملكة والتي يسعى ولاة أمرنا إلى استثمارها من أجل الإنسان السعودي بما يحقق كفايته، ورفاهيته.
إن البعض يريد أن يجعل من الإنسانية إلهاً يعبد من دون الله عز وجل، ويريد أن يفصلها عن الدين وتعاليمه، ويريد أن يجتمع الناس حولها بلا وازع ديني ولا أخلاقي، وهذه الفكرة فكرة قديمة ظهرت في القرون الوسطى في ظل هيمنة الكنيسة ورجالها على الحياة وفرض ألوان من القيم التي لا علاقة لها بتعاليم السماء فحاولوا أن يصوروا العلاقة بين الإنسان وربه علاقة شخصية لا قيمة لها ولا أثر في تعاملاته الخارجية ولا علاقة لها في تنظيم الحياة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وهم بذلك يريدون أن يعزلوا الدين عن الحياة، وهذا خطأ فادح .
إن التفاف الناس حول الإنسانية المجردة عن العلاقات الثلاثة (علاقة الإنسان مع ربه ثم نفسه، ومجتمعه) فإن البنية المجتمعية ستصبح بنية هشه متفككة، بسبب أن القيم والعلاقات الإنسانية تصبح مختلة وليس لها موجهات قيمية ومن ثم ستكون عرضة للاجتهادات الإنسانية وهي اجتهادات ناقصة، قد تتسبب في نزعات وخلافات لا تنتهي (وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) الأمر الذي سيؤدي إلى مآلات خطيرة، وانهيار كبير في كل مناحي الحياة، وحتى يعيش المجتمع في ترابط وانسجام ورفاهية، لابد من فهم مصطلح الإنسانية ضمن المفهوم الشامل للعلاقات الثلاثة (علاقة الإنسان مع ربه ثم نفسه ، ومجتمعه ).

 0  0  1.1K


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...