.
إن العمل الخيري عمل إنساني يسعى إلى تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع مما يعطي المجتمع بعداً تكافلياً يحقق أهداف التنمية المتوازنة التي تسهم في تأمين الحياة الكريمة والرفاهية.
إن التكافل الاجتماعي غاية يشجع عليها ديننا الحنيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )، فالإنسان بطبعه مدنيٌ ولا يمكن له أن يعيش منعزلاً فلا بد له من الاجتماع والتعاون على الخير يقول تعالى(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
إن التطورات التقنية التي حدثت في العالم جعلته كالقرية الواحدة ، فأصبح التواصل بين أفراد المجتمع متاحاً بشتى الطرق والوسائل، وأصبحت أحوالهم ككتاب مكشوف فيقوم المصلحون و أصحاب الأموال إلى ردم الفجوات المجتمعية التي قد تحدث في المجتمع نتيجة للفقر والحاجة فيسعون إلى قضاء حوائجهم،ولا يتوقف الأمر على ذلك بل أصبحت هناك مؤسسات وجمعيات خيرية ترعى حاجة الفقراء والمستضعفيين، وأضحى لهذه الجمعيات برامج ، مشاريع لتطوير وتدريب المحتاجين فبدلاًَ من أن يكونوا عالة على الناس فإنهم يؤهلون ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع ومنتجين لهم مهن يمتهنونها بكرامة يسترزقون منها .
إن الجمعيات الخيرية لها طاقة محدودة وموارد مالية محدودة لا تستطيع أن تتجاوزها، ولهذا هي بحاجة كبيرة إلى الدعم لاستدامة أعمالها وهذا لا يتأتى إلا بإنشاء الأوقاف التي يمكن أن تكون مصدراً ثابتاً ومستمراً لتنفيذ برامجها، ومشاريعها على المدى البعيد، أما على المدى القريب فإن التبرعات والإعانات قد تكون حلولا آنية إلا أنها قد تنقطع لأي سبب من الأسباب ولهذا لا بد من البحث عن وسيلة أخرى تسهم في استدامة أعمالها.
ومن الوسائل المهمة والتي يجب أن تجد التفاعل والمساندة هو تحريك المؤسسات التجارية والشركات العملاقة لكي تسهم في دعم العمل الخيري بما يحقق ديمومته ويسهم في التنمية المتوازنة التي تدعم الاقتصاد الوطني.
إن الدور الذي يمكن أن تقوم به المؤسسات التجارية تجاه الجمعيات الخيرية يتمثل في تخصيص جزء من ميزانيتها لدعم البرامج والمشاريع الخيرية انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه المجتمع ، وهذا النظام معمول به في الدول المتقدمة حيث تقدم لهم الدولة مقابل مساهماتهم ودعمهم للقطاع الخيري تسهيلات في المناقصات الحكومية ، والضرائب.
إن رؤية المملكة 2030 قد اهتمت بالقطاع الخيري وأفردت له حيزاً ، وجعلته قطاعاً مهماً لدعم الاقتصاد الوطني وتسعى إلى رفع الناتج المحلي له من أقل من 1% إلى 5% وهذا يستلزم أن يكون هناك دعم وفرص وبرامج تطويرية لتحقيق ذلك الهدف ومن ضمنها أن تكون هناك إسهامات للقطاع الأهلي فيما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه المجتمع ، ويتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تحقيق الاستدامة المالية للجمعيات الخيرية ، وتعزيز التكامل بين القطاع الخيري والقطاع الحكومي والأهلي بما يسهم في دعم وتعزيز التنمية المستدامة في بلادنا الحبيبة.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم