.
إن التقنية الحديثة قربت المسافات بين بنى البشر، وأصبحت المعلومة تصل في أقل من الثانية بواسطة شبكات التقنية والنت ، وأصبح الإنسان يتواصل مع أخيه في أقصى بلاد العالم بالصورة والصوت وكأنه يعيش معه في بيت واحد، وهذه من ميز نسبية تفوقت فيها وسائل التواصل (الجوال) على غيرها من التقنيات التي سهلت على الناس حياتهم وأصبحت أيسر ما يكون ، وعلى الرغم من هذه الإيجابية إلا أنها أصبحت أداء للتفرقة بين أفراد الأسرة في البيت الواحد حتى أضحت لغة الحوار فيما بينهم كحوار الطرشان، فلا يقطع هدوء الأوقات سوي سماع أصوات الانامل وهي تضغط على حروف الكي بورد تراسل أقاصي الناس في العالم بينما يعجزون في التواصل فيما بينهم داخل البيت الواحد ، وهذه كارثة اجتماعية قد تؤدي إلى مشكلات في التواصل والمحبة بين الأهل والأقارب مما يخلق أجواء اجتماعية متفككة، فتصبح الأسرة الواحدة كالغرباء فيما بينهم بينما نجد علاقاتهم تمتد وتتواصل مع الغرباء في أماكن نائية.
وفي تصوري أن مثل هذه القطيعة داخل الأسرة أو بين الاقار قد تدخل ضمن قطيعة الرحم التي تعد من كبائر الذنوب يقول تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وفي الحديث (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ونحن كما نهتم بتواصلنا مع من في الخارج يجب علينا أن نهتم ونحرص على تواصلنا مع من في الداخل من أرحامنا وبخاصة الوالدين والأقارب ، وعلينا أن نتعاهد إذا دخلنا إلى بيوتنا أن نضع جوالتنا في مكان بعيد ولمدة ساعة أو ساعتين، وأقترح أن يكون في كل بيت صندوق خاص لوضع الجوالات حتى لا ينشغل أحدنا عن ضيوفه وينطبق فينا الحديث النبوي: ( ليس الواصل بالمكافي ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)، ولا شك أنك بابعادك لجوالك وإنشغالك مع ضيوفك كالواصل الذي تم ذكره في الحديث ، ولكن حينما تنشغل عن ضيوفك بجوالك فكأنك تطردهم أو تشعرهم بأنهم ضيوف غير مرغوبين فيهم، و قد لا يكون هذا شعورك ولكن الشيطان قد يسول لهم، ويزين لهم الأمر بأنهم غير مرغوبين فيهم فينعكس ذلك على العلاقات وتتحول المحبة إلى كراهية وبغضاء تؤدي في النهاية إلى قطيعة ولكن في تصوري على الآخرين ألا يتضايقوا من ذلك فلا بد لهم من الصبر على من ينشغل بجواله عنهم ، وضرورة تقديم النصيحة لهم حتى لا يساهموا في القطيعه كما يفعل المنشغل بالجوال، وليكن شأنهم شأن ما ورد في الحديث النبوي أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : "يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال له صلى الله عليه وسلم : لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، والمل يعني: الرماد الحامي- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، فهكذا يجب علينا أن نتخلق بهذه القيم ، وعلى مستخدمي الجوالات أن يقيموا شعيرة التواصل ، والانقطاع عن الجوال للتفرغ لاستقبال ضيوفه بما يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وروح الإخوة والمحبة بين الناس فهل نحن فاعلين؟!!! .
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم