• ×

08:29 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

ناصر عبد الله الحميضي
بواسطة  ناصر عبد الله الحميضي

في قلوبنا كل معلم علمنا

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
.




بداية لا أذكر أن أحدا من جيل الأمس سواء من أهالي الطلاب وأولياء أمورهم أو حتى من بقية أفراد المجتمع ممن ليس لهم أولاد يدرسون في المدرسة ، وجه نقدا أو انتقادا للمدرسة أو المعلم أو حتى تدخل في عمل المعلمين أو تذمر مما يكلف به الطلاب من واجبات أو ممن يتعرض لتأديب .
والعكس صحيح أيضا فالجميع يرون أن المدرسة بمن فيها من معلم ومدير وموظف لهم دور كبير في إضاءة العقول بنور العلم ، ولهم هيبة في النفوس ووقار في التعامل وتقدير ومكانة ، وهذا نابع من قناعة اجتماعية وليس من إملاءات خارجة عن المجتمع.
فالمعلم عند جيل الأمس رغم أن الغالبية أميون قراءة وكتابة إلا أن نظرتهم لمن يحمل علما نظرة إجلال فهم يقدرون المطوع الذي يعلم أولادهم ويدفعون له مقابل عمله شيئا من التمر او القمح أو النقود ضمانا لاستمراره ، ولا يتدخلون في أسلوب تعليمه وتربيته حتى ولو كان قاسيا ، لأنهم يرون في علمه مصلحة لأولادهم .
تعلمنا وعرفنا لماذا يتربع المعلم على القمة في نفوسنا ، وعرفنا أن صبره علينا وتحمله لطفولتنا وشقاوتنا وجهلنا عاد علينا بعد جني الثمار بالنفع والفائدة ، ولا شك أنه في الوقت نفسه مأجور على عمله وتحمله وتضحيته ، فكل عقل أضاء جراء توفيق الله ثم جهد المعلم سيكون في ميزان حسناته متى ما احتسب عند الله ذلك ، و سيحمل المتعلم معروفا وجميلا لمعلمه يتسبب هذا في تقديره و محبته والدعاء له ، ولنا أن نتصور كم من حصيلة طيبة سيجنيها العلم في مسيرته ، وكلما طالت مدة عطائه زادت المساحة التي نشر فيها نور العلم وعدد العقول التي حررها من كابوس الجهل وظلامه .
إن المعلم له في نفوسنا مكانة كبيرة تلازمنا طول حياتنا ، فما معلم علمنا إلا ونتذكره ويتردد صوته على مسامعنا سواء كان حيا بيننا أو غاب عنا جسدا لا ندري مكانه لكن مكانته محفوظة في قلوبنا .

إن حق المعلم و حظه ونصيبه أن نتذكره الأيام كلها لا يوم واحد ، نتذكر فيه معاناته أو نعدد مزاياه أو نستشعر مكانته .
والأمة التي تقدر العلم وأهله والمعلم وجهده وتجعل احترامه سلوكا وتقديره سجية دائمة ، تتقدم وترتقي لأن مثل هذه الأمة تعرف مصدر عزها و الجندي الذي يتعب من أجلها ويواجه بسلاح العلم أضرار الجهل.
فالمعلمون يقفون على جبهة المواجهة ضد الجهل الذي يعد أخطر أعداء الأمم والأوطان.، فهم خط الدفاع الأول ولولا الله سبحانه ثم المعلم لانفتح باب الجهل وهبت أعاصيره على المبادئ والثوابت والقيم ، ومعروف أن الجاهل عدو نفسه قبل أن يكون عدو غيره ، وما سقطت الأمم إلا لفقدها البصيرة والعقل الواعي .
لقد كان الخلفاء والحكام في كل العصور ممن تهمهم مجتمعاتهم ويهمهم تثبيت دعائم الدولة وقوتها يبدأون في التأسيس بالتربية والتعليم حتى إنهم يختارون أيضا لأولادهم المربين لكي يتمكنوا مستقبلا من إدارة الحكم .
وأخيرا نقول للمعلم : هنيئا لك منصب الملوك وعزهم ورسالة الأنبياء وتقواهم وبشراك المستقبل متى ما تحملت بقوة هذه الأمانة وإن كانت ثقيلة إلا أنها في الوقت نفسه الخفيفة على من وفقه الله لاحتساب الأجر وتفرغ لها دون انشغال عن أمانته ولم يفرط فيها ولم يعتبرها وظيفة فقط همه تحصيل المال وانتظار الراتب الشهري.
ولو يعلم المعلم مدى ثقة أولياء الأمور فيه حيث سلموه أغلى ما عندهم وهو فلذة كبدهم وأملوا فيه الإخلاص وانتظروا النتائج والثمار الطيبة ، لو يعلم المعلم ذلك ومدى مكانته عندهم لسجد شكرا لله على أن اختاره لهذه المهمة ووفقه للوصول إليها ، وشمر عن ساعد الجد وأعطى طلابه كل ما يملك من جهد لكي يرضي الله أولا ولكي يظهر بوجه أبيض أمام طلابه حاضرا ومستقبلا وأمام أهلهم.
ولا نجد جزاء للمعلم الذي يحسن عمله أفضل من الدعاء له بالتوفيق دنيا وآخرة ، يقول الله عز وجل " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا "

 0  0  688


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...