• ×

08:38 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

عبدالعزيز بن محمد أبوعباة
بواسطة  عبدالعزيز بن محمد أبوعباة

كبار السن فخرا لنا وشموخ في زمن النكران والجحود لحقوقهم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
.

يحتفل العالم في أكتوبر من كل عام باليوم العالمي لكبار السن ، وهي مناسبة جميلة فيها تذكير وولاء لهذه الفئة الغالية على أنفسنا والتي قدمت الكثير للمجتمع من عطاء وخبرات نتفي نحن اليوم ظلاله، ولكن نحن كمسلمين لا نحتاج لمثل هذا التذكير بمجاهدات كبار السن مرة كل عام فهم دائما وأبداً في الذاكره ، لهم حق الاحترام والتقدير والإحسان ولهذا يوصي الإسلام إلى رعايتهم ، والقيام بواجباتهم وفي الحديث (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف ويَنْهَ عن المنكر) ، وحث الإسلام كذلك على حسن معاملتهم ، وجميل الإكرام، وطيب الكلام، وسديد المقال، والتودد إليهم؛ وهذا كله في الأصل إجلال لله عز وجل؛ و في الحديث إن مِن إجلال الله: إكرامَ ذي الشيبة المسلم)، ويزداد الاهتمام بهم أكثر في حالة ضعفهم وعجزهم ، وتعاهد مشاكلهم ، و إزالة المكدرات والهموم والأحزان عن حياتهم، وهذا بلا شك من أعظم أسباب التيسير والبركة وإبعاد شبح الرزايا والمحن عن المجتمع، وفي الحديث: (ابغوني ضعفاءَكم؛ فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم).
وكبار السن يغلب في مظهرهم العام الضعف حيث تطرأ على أجسادهم بعض التغيرات مثل تجعد الجلد وجفافه، وقلة السمع، وضعف البصر والشم والحواس وبطء الحركة، وانتشار الشيب و ضعف العظام، وضعف الذاكرة والنسيان، وهذه التغيرات تستوجب من المجتمع التعامل معهابصبر ورفق وإحسان وحكمة وفي الحديث(مَن لم يرحم صغيرنا ويعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا).
وتقدير الإسلام لكبار السن من المسلمين لا حدود له بل رتب على هذا السن الثواب والخير وفي الحديث (لا يتمنى أحدُكم الموتَ، ولا يدعو به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمنَ عمرُه إلا خيرًا)، وفي الحديث الآخر (ألا أنبئكم بخياركم؟!، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: خيارُكم أطولُكم أعمارًا إذا سددوا). و (خيارُكم أطولكم أعمارًا، وأحسنكم أعمالًا)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الخير مع أكابرِكم)، وفي رواية: (البركة مع أكابركم)، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُعمَّر يُعمَّر في الإسلام أربعين سنة إلا دفع الله عنه أنواع البلاء: الجنون، والجذام، والبرص، فإذا بلغ الخمسين هوَّن الله عليه الحساب، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إلى الله بما يحب الله، فإذا بلغ السبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين كُتبت حسناتُه ومُحيت سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكان أسيرَ الله في أرضه، وشفع في أهل بيته)
وهكذا يصبح من أوجب الواجبات مراعاة حقوقهم ولا سيما الوالدين، ونوقرهم ولا نرمي بهم في دور المسنين كما يفعل بعض من نزع الله من قلوبهم الرحمة وتشبعت بالقسوة في نكران وجحود واضح للرعاية التي كان يحظى بها حينما كان صغيراً ضعيفاً فحملوه واحتضنوه وحموه من كل سوء وتحملوا اعبائه وأهتموا برعايته حتى كبر وأشتد عوده وفي الآية ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾.
بل حث على الإحسان إلى الوالدين حتى لو كانا مشركين يقول تعالى ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ فَلَا تُطِعْهُمَا ﴾ كذلك الإحسان إليهما حتى لو كانا أو أحدهما يتساهل في الصلاة أو كان فاسقاً فإنه لا يجوز للأبناء عقهم أو الإساءة إليهم بل الواجب مصاحبتهم بالمعروف ومناصحتهم بالتي هي أحسن لعل الله يقذق في قلوبهم الهداية بهذا السلوك الحميد .
إن حفظ حق الكبير ورعايته أمر ضروري، وإن كان كافرًا، فكيف إذا كان مسلمًا؟ وكيف إذا كان جارًا؟ وكيف إذا كان قريبًا؟ وكيف إذا كان أبًا وأمًّا؟
ومما يجب الإلمام به أن بلوغ كبار السن سن الشيخوخة لا يعنى إطلاقا أن دورهم في الحياة قد انقطع كلا أن دورهم لم ينتهي لكونهم حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بل يمكن للاجيال الحالية الاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية وتجاربهم الشخصية في التخطيط للمستقبل وتجاوز العقبات التي تعترض البعض ، وكذلك استشارتهم في المشاكل التي قد تحدث بين العوائل بسبب الطيش او التسرع في اتخاذ قرارات من شأنها ان تهدم اركان الاسرة لما يتمتعون به من رجاحة العقل والحكمة والسداد في القول والفعل كما يمكن الاستفادة من قيمة الصبر التي يتحلون بها في تجاوز المحن والمواقف المؤلمة التي قد يتعرض لها الانسان من فقدان عزيز او ضياع املاكه وغيرها ، وكذلك التعلم منهم الاخلاقيات وفنون التعامل مع الاخرين،كما يمكن الاستفادة من القصص والتجارب الإنسانية التي يرونها للاعتبار وبناء مواقف إيجابية وممارسة الحياة وفق رؤى تفائلية. كما يمكن لكبار السن ان يخدموا المجتمع من خلال الاعمال التطوعية ونحمد الله ان الدولة حفظها الله قد اهتمت بهم في العديد من المجالات بما يحقق راحتهم ورفاهيتهم.
ويمكن أن نختصر كبار السن في أنهم مدرسة للحياة يتعلم منها الأجيال الحالية معنى أن يعيشوا حياة كريمة ملؤها السعادة .

 0  0  920


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...