• ×

09:08 مساءً , السبت 21 ديسمبر 2024

ناصر بن عبدالله الحميضي
بواسطة  ناصر بن عبدالله الحميضي

قد لا يضر الجهل ببعض المعلومات

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
.
في واقعنا الكثير من المعلومات التي تشمل كل مناحي الحياة ، فمنها ما يتصل بالأدب ومنها ما يتصل بالمجتمع ومنها ما له صلة بالتاريخ والثقافة وأيضا العلاقة بالنشاط من زراعة وصناعة وتجارة ..الخ
وهذه المعلومات تنقسم من حيث الأهمية إلى أقسام ، فبعضها العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر ، وهذا الصنف كثير ، فمن المعلومات ما يمر مرورا عابرا ونفسح له طريق الذهاب بلا رجعة والعبور بلا تأشيرة عودة، ولكن بعضها مهم لنفع تلك المعلومات في الحياة الدنيا أو في الآخرة ، والعقل يحتم علينا أن ننتفع بها ونضيفها إلى خبراتنا.
وهناك قسم من المعلومات نحرص كل الحرص على أن تكون صحيحة وموثقة ونتتبع مصدرها ونتابع أيضا التطور حولها ، ونحرص على تدوينها ونقلها على الوجه الصحيح ، كما أن هناك قسم من المعلومات قد نعرف أنها خطأ ولكننا لا نقوم بالوقوف عندها خاصة عندما يكون الخطأ شائعا في نقلها وسوف ينشأ من مناقشتها جدلا لا طائل منه أو صداما بين التصحيح وإزالة الجهل المركب ثم تثبيت المعلومة الجديدة ، وكم من معلومة بقيت سنوات يرددها الناس وهي خطأ ولكنهم لا يهتمون لا بخطئها ولا بصحتها .
ويحسن أن تذكر في مجال المعلومات التي لا ضرر من بقاء الخطأ حولها بعدما شاع؛ المقولة تقول " التمر مسامير الركب" فهي معلومة خطأ ولكن قد استحسن العبارة بعضهم ولزمها وإن كان الصحيح في المقولة هو " التمر مُسامر الرَّكب" والتي تعني أنه الغذاء الذي يسامر الرَّكب ويسهر معهم حيث لا يحتاج طحن ولا خبز ولا طبخ وإنما هو جاهز للتناول مستعد ، كما نقول أن القمر مسامر الساري ليلاً والنجوم كذلك ، ومعلوم أن السمر هو السهر ليلا ومن ذلك غناء السامري الذي ينشد ليلا ، والمقولة لها ألف سنة ولكن الخطأ فيها طارئ ، والتوقف عن الجدل أولى من تتبع التصحيح ، فموجة الخطأ أحيانا تجتاح ما أمامها بقوة الاندفاع الذي رسخه زمن الخطأ الطويل وتأصله ، خاصة وأن هناك من صحح المعلومة وتتبعها ويكفي عمله نائبا عن البقية.
وأما المقولة التي يتناقلها الناس خطأ ويفترض تصحيحها وعدم الغفلة عنها فهي قولهم لبعض من يريدون مدحه لأنه جاد في عمله ومخلص في أدائه حتى ولو قصر في حق نفسه " فلان كالشمعة يحترق ليضيء للآخرين " وهذا القول ليس مدحا بل يعد ذما له لأنه منهي عن أن يكون الإنسان كالشمعة أو ذبالة السراج يضيء للآخرين ويحرق نفسه ، إذا كان ممن اغتر بعلم قليل وأفنى عمره في التصديق بأنه عارف وعالم وهو لا يفقه شيئا بل ضاع عمره في الوهم ، وقد ورد في الأثر النهي عن أن يكون أحدنا كالسراج أو الشمعة تحترق لكي تضيء لغيرها وهو في الواقع قد ضيع عمره ، فالعقل يرفض هذا والرشاد أيضا ، فمصلحة الإنسان يجب أن تكون مقدمة و لنفع نفسه أولا ثم لغيره بعد ذلك.
وهذه المقولة مما يفترض تصحيحها عند العامة والخاصة ، فالتضحيات طيبة والإيثار مطلوب من الجميع ولكن لا يكون على حساب النفس ، ولا نشبه أي شخص أضاع عمره لنفع الآخرين فيغتر وينتهي إلى الخسران ، فما جدوى أن يحرم الإنسان نفسه ويصدم بواقع مرير .
أما المعلومات التي لا قيمة لها فهي كثيرة جدا ولعل أكثرها تستخدم مؤقتا كحشو تعبأ به فراغات المجالس تطير في الهواء كطيران الريش المتناثر من أجنحة وأجسام الطيور لا تلفت انتباها ولا تستقر في عقل ولا قلب ، وأمثلتها كثير كما أن من المعلومات ما هو مردد لا يهدف إلى البقاء في الذاكرة ، فنحن نذكر على سبيل المثال تفاوت الأشجار في طولها وقصرها والمباني وألوانها والطائرات والسيارات وضجيج المدن وتقلب الأيام بين برد أجوائها وحرها دون أن نتوقف عند شيء منها وإنما هي معلومات ربما كررناها في كل موقف ومكان وليس لها من الهدف سوى قطع الصمت أحيانا ثم سرعان ما ننسى أول القول حولها وآخره ومما تتصف به أنه لا رابط بينها .
إن المضي دون جدل حول كثير من المعلومات هو الصواب خاصة ونحن نعرف أنه لا هدف من إيراد الكثير مما يقال سوى طرد الصمت .

 0  0  2.5K


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...