• ×

04:19 مساءً , السبت 21 ديسمبر 2024

ناصر عبد الله الحميضي
بواسطة  ناصر عبد الله الحميضي

كيف حال الوالدين ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
دنيانا وحياتنا مجموعة مواقف ، والعديد من التفاعل والتعامل فيما بيننا ، ونحن نمضي عبر أيامها والسنين ، تسير بنا الأقدام حيث تمتد الطرق أمامنا ، لا ندرك ما سيأتي حتى يمضي ، نظن أننا لا نحتفظ بصورة مما مررنا به ولكن الواقع غير ذلك ، إن كل ما مر بنا ومررنا به هو جزء منا لا يمحوه طول عهد أو تعاقب زمن ، ولا تغيره المدة طالت أو قصرت.
لابد أنك يوما من الأيام سألت أحد أصدقائك عن والديه أو أحدهما عندما قابلته ، من باب الاطمئنان و والأنس و الألفة ( كيف حال الوالد ، كيف حال الوالدين ؟) ولكن ذلك الذي سألت عنه قد توفي منذ مدة وأنت لحظتها تعلم وفي الوقت نفسه لا تعلم ، وقد يسكت صديقك أو يقول لك جوابا " رحمه الله " قد توفي منذ مدة بعيدة.
وفي المقابل أيضا قد يسألك أحدهم عن قريب لك كيف حاله وما هي أخباره ، وهو قد توفي منذ مدة بعيدة وجوابك له مثل جوابه لك.
عندما يخبرنا أحد بذلك فسرعان ما ندرك أنه لم يأت بخبر جديد علينا ، فنحن نعلم أنه توفي وقد صلينا عليه ودعونا له وترحمنا عليه ومكثنا مدة من الوقت بجانب قبره ندعو الله له بالثبات ، وأدينا العزاء وكابدنا وجع فراقه ، فلماذا نكون دوما في وضع يعتقد الأخرون أننا نسيناه ، وهل بالفعل نسيناه ؟
وتمضي الأيام ونعيد السؤال حتى لو علمنا ذلك ، وكرر الجواب فلا بد أن ننسى ثم نسأل عنه مرة ومرتين وأكثر ، ونقابل بالجواب الذي ندعو به لبعضنا دوما : الله يرحمه .
نعم لقد مات منذ زمن ، ويذكرنا الآخرون بذلك فنعيد الدعاء له بالرحمة ثم نتذكر أنها معلومة قديمة عرفناها ولكننا دوما في وضع النسيان لها ، نعود كما كنا في كل لقاء ويزداد التساؤل كلما كنا في أماكن تجمعنا به سابقا.
هــؤلاء الذين نسأل عنهم وعن صحتهم وأخبارهم رغم موتهم ؛ لا يزالون أحياء في ذاكرتنا لم يموتوا ، إن أحاديثهم ومواقفهم وسوالفهم وتفاصيل حياتهم تتردد في كل مجالسنا ، نشير لها ونثني عليهم ونحيل كل قول جميل لهم ننسبه لهم كحق من حقوقهم علينا فقد تعايشنا زمنا من المستحيل غياب تفاصيله .
نحن لم ننس أنكم يوما من الأيام اخبرتمونا بموتهم وقد شهدنا ذلك وتبعناهم حتى القبر ، وأهلنا على الأجساد التراب ، ولكننا لم ندفن مع الأجساد حصاد أيامنا معهم و لم نستوعب أنهم رحلوا عن الدنيا ولم يعد لهم وجود ، إنهم أحياء في ذاكرتنا لا يزالون كما هم ، نعود ونقول لكم كيف حالهم وما أخبارهم ، فلا تقسوا علينا بالعتب ولا تلوموننا وتصفون ذاكرتنا بالعطب ، ولا تردوا علينا رد الجفاة ، فالذاكرة لدينا لا تريد أن يغادر الأحباب مساحتها ، ولم نستوعب الواقع الذي يؤكد غياب بعض الأشخاص عن دنيانا.
وعندما توصف الذاكرة لدينا بالتردي بالنسبة لكم فإن الوفاء لهم متمكنا يستحوذ على كل اهتمام منا بهم حتى أن واقعنا يمتزج بكل حياة الراحلين عنا.
إذا هو تشبث الذاكرة وتمسكها بكل أحبابنا وبكل تفاصيل حياتنا التي مررنا بها ، لا ينفصل بعضها عن بعض حتى أن الفراق لا يمحو سيرة المغادرين ولا يوجد قائمة لهم في ذاكرتنا فالجميع في وضع العودة والبقاء ، ونظل نسأل كيف حال الوالدين وكيف حال فلان ولو كان ميتا منذ زمن بعيد.

 0  0  969


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...