• ×

08:52 مساءً , السبت 21 ديسمبر 2024

فاطمة مطلق الحاثي
بواسطة  فاطمة مطلق الحاثي

إشفاق-5- ( أخطر المراحل1-4سنوات [1])

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
اللهم لك الحمد تفردت بالبقاء ، وكتبت على غيرك الفناء ، لك العزة والكبرياء ، ولك أجل الصفات وأحسن الأسماء
لو أن أنفاس العباد قصائد *** حفلت بمدحك في جلال علاك
ما أدركت ما تستحق وقصرت *** عن مجدك الأسمى وحسن سناكا
وصلى الله على محمد حين اصطفاه، وسلم على ذك الوجه ما أبهاه، وبارك الله على ذلك القدوة ما أكرمه وأعلاه ... وبعد...
فإن أعذب بكاء طرق مسامع البشر ، هو بكاء مولود خرج إلى الدنيا بنقائه وبهائه ولطفه ، بعد أن صارعت أمه أوجاع المخاض حتى عاينت الهلاك ، و قاسى أبوه سهام القلق والانتظار حتى ظن أن قلبه سينخلع خوفاً وشوقا ، وحنانا وحباً ، ينطلق ذاك الصوت الجميل ، والنغمة العذبة المنتظرة ، فتبتسم الأم من عمق الوجع ، ويخر الأب ساجداً لربه باكياً لفرح يعجز عن وصفه ، وتنطلق مع صرخات مولودهما أهازيج الفرح وبشائر الفرج ، تمر اللحظات سراعاً كنسمة هواءٍ عابرةٍ في فناء حديقةٍ غناءٍ تعبق بشذى الياسمين ، وقلبين كبيرين اجتمعا على حب قلب صغير طاهر بريء ، يهدهدانه ويلاعبانه ويشمانه ويقبلانه وكأنه ليس في دنياهما سواه ، هدية الرحمن للإنسان ، طفلٌ جميل يملأ دنيا والديه سعادة وحبور ، ومن هنا تبدأ رحلة الإعداد !
هنا ستبدأ مرحلة البناء والعطاء والنماء ، هنا يزرع الوالدين ليجنيا أعذب الثمار ، ويغرسان شتلات الخير ليستنشقا أزكى الزهور ، نعم ... من الآن و من هذه اللحظات تبدأ التربية ، من هذه اللحظات تتكون شخصية الأبناء والبنات ، هذه السنوات الأولى من عمر الطفل هي القواعد الأساسية التي عليها يعتمد البناء ، فالذي نلاحظه أن الأربع سنوات الأولى -مع بالغ الأسف- تعتبر سنوات تهميش وتدليل وضياع للطفل من والديه دون أن يشعرا بذلك !
فالطفل خلال هذه المرحلة يكاد أن يكون في أصفى مراحل عمره ذهناً ، وألين طباعاً وأسهل تربية ، وأجدر أن يوجّه للسلوك والآداب فيتوجّه ، ويبدأ تكوين شخصيته المتميزة إن وجد والدين حريصين على توجيهه وتربيته خلال هذه الفترة!
فالأم تهمس بالتسمية في أذن صغيرها عندما تطعمه وتختم وجبته بالحمد لله ، وتذكر اسم الله عندما تلبسه أو تنزع ملابسه ، وتقرأ الأذكار عند رأسه عندما ينام ليسكن ويستريح بذكر ربه الذي على التوحيد قد فطره ، فيستيقظ على ابتسامتها ، وينام في كنف حنانها ، ويردد الأب اسم الله على ابنه كلما حمله أو وضعه أوضمه أو قبّله ، كأن يقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، وأن يقول عندما يبتسم له صغيره : اللـــه ... الله أكبر ، وهكذا تتردد عبارات الوالدين على مسامع الطفل فتنغرس في قلبه لا ينساها، و عندما يكبر الطفل قليلاً وتزداد حركاته فإنه يخطف مع كل حركة قلبَيْ والديه ، ثم يبدأ في محاولة الاعتماد على نفسه في الأكل واختيار الملابس ، فلا ينبغي منعه بل توجيهه للطريقة الصحيحة دون تعنيف عند الزلل حتى لا ينهزم نفسيا ، ولا يُضحك على أخطائه الطريفة فقد يظنها صواباً لأنه حاز بها على رضا والديه وسرورهما فيكررها ، بل يجب على الوالدين أن يصححان له الخطأ بصمت وأن تكون تعابير الوجه لديهما تدل على عدم الرضا ، وحينها سيشعر الطفل بأنه ارتكب خطأ ويحذر من تكراره ...
لهذه الفقرة بقية نستكملها في العدد القادم بإذن الله.

 0  0  1.2K


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...