(لكل داء دواء يُستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها) ..إذا كان هذا البيت الذي لا يُعرف قائله على وجه التحديد قد طار في الآفاق وآمن به الناس وعرفوا به عظم الحماقة وكبير شرها واستحالة علاجها فإن الأمر بات يسري على الشائعة التي تتحول في ثانية إلى طلقة رصاص تنفذ من فم قائلها لتخترق الأبواب والنوافذ والجدران وتمضي في طريقها عابرة الحدود والأمكنة والأزمنة فتشعل حرباً هنا وتدمر معنويات هناك وتحصد في طريقها عدداً لا يُحصى من الضحايا ثم تطوف الكرة الأرضية تنتقل من فم لقلم لصفحة شخصية على الفيسبوك لتغريدة قليلة الكلمات ثم تتحول على الأرض مجدداً لكرة ثلج عملاقة تهدم ما في طريقها وتقتات على كل ما تمر به ليكبر حجمها أكثر فأكثر.
والواضح أن الخطب والمقالات والنصائح والأفلام التوعوية والمؤتمرات والندوات والأنشطة المختلفة لا تطفئ نار مروجي تلك الشائعات ولا تردعهم عن مسلكهم ففي كل يوم هناك شائعة جديدة تخترق العرض وتلعب على وتر العصبية القبلية وتشكك الناس في عقائدهم وولاة أمرهم وعلمائهم وكل ما يؤمنون به من معارف ، لتصبح الأرض أمامهم فضاء فيزرعون فيها حقدهم ويرعون أشجار الغدر ويبيعون ثمار الشر في كل مكان يصلون إليه.
في الماضي كانت الإشاعة تنطلق في الغالب من أماكن غير معروفة أما اليوم فصارت مكشوفة حيث باتت تنتشر في شكل أخبار سلبية تقوم على دس السم في كلمات قد تبدو عادية لكنها إما أن تكون غير حقيقية أو تنشر اليأس والإحباط أو تشكك في أمر ما وهذه أخطر من الشائعة في شكلها المعروف خاصة إذا كانت تلك الأخبار تنتقل عبر شبكات التواصل الاجتماعي باختلاف أنماطها وبأسماء شخصيات معروفة أو يعيد نشرها ومشاركتها كتاب أو إعلاميون فتصبح بمثابة الحقيقة المؤكدة.
ومثلما تؤدي الشائعات التي تصيب الأعراض إلى أضرار اجتماعية خطيرة فإن الأخبار التي تنقل معلومة تمس أمن المجتمع دون تأكد منها يمكنها أن تضر بأمن الدولة كلها وتمنح العدو فرصته الكبرى في التلاعب بمقدرات الأمة وتجنيد أبنائها دون أن يشعروا للإطاحة بالجهود المبذولة ليل نهار في سبيل أمن البلد وأمن مواطنيه ومقيميه.
ان الشائعات التي تملأ فضاء الانترنت يومياً وعلى مدار الساعة باتت بحاجة إلى إنشاء هيئة أو جهاز وطني تكون مسؤوليته سن نظام لمعاقبة كل من يثبت تعمده في بثها و رصد تلك الشائعات والتحقق منها وإذاعة بيان رسمي لتأكيدها أو نفيها ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بصفة خاصة حتى نضمن عدم استغلالها في المساس بأمن الوطن أو اللعب بمشاعر الناس وتوجيهها بشكل خاطئ إضافة إلى نشر ثقافة التأكد قبل النشر أو التداول حتى يكون لدينا مجتمع واعِ ومتفهم يمكنه إدراك الحقيقية جيداً وعدم الانجراف وراء من يلعبون بعقول الناس.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم