في ختام رحلتي بين أروقة التعليم أتقدم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- ولقيادة الوطن الغالي بوافر الشكر وعظيم الامتنان على إتاحة الفرصة لي للمساهمة في خدمة وطني من خلال واحد من أهم القطاعات التي تعنى بصناعة المواطن الصالح المنتج وهو قطاع التعليم".. كانت هذه الكلمات هي ستارة الختام التي أُسدلت لتنهي عملاً استمر ست سنوات أثبتت فيه نورة الفايز (نائب وزير التعليم السابقة) قدرة المرأة السعودية على أن يكون لها دور فاعل في العملية التنموية، وأن تصبح قدوة للأجيال القادمة من النساء ممن يحلمن بوضع أقدامهن على طريق النجاح والتميز.
ولا يعني ترجل "الفايز" عن منصبها انتهاء مرحلة تقلد المرأة لمناصب قيادية كما يزعم البعض فالتجربة التي عايشتها كانت ثرية، وكل شيء فيها يثبت أن قادة البلاد -حفظهم الله- يؤمنون جيداً بدور المرأة الفاعل في المجتمع، حيث تؤكد أن وزارة التربية والتعليم لم تتعامل معها كامرأة بل كقيادي قادر على القيادة.
كما تؤكد أن الوزارة جعلتها تترأس وفوداً كثيرة سواء كانت نسائية أم رجالية وفي مشاركات دولية أيضاً، وقد أثبتت نجاحها في قيادة الدفة وشهد لها بذلك زملاؤها الرجال.
وليس من عجب في ذلك فنحن الرجال نترك قيادة الأسرة كلها للزوجات فهن من يرعين الأولاد، ويدبرن ميزانية المنزل، ويدخرن للمستقبل أما نحن فيكمن دورنا في البحث عن مورد رزق للإنفاق منه على الأسرة ثم نبحث عن النجاح العملي تاركين لهن مهمة بناء الأسرة وتربية جيل المستقبل.
في السنوات القليلة التي قضتها بمنصبها ورغم الاتهامات التي كانت توجه إليها استمر العمل بتطوير مدارس البنات والسعي لزيادة عدد المعلمات بوتيرة أكثر من عدد المعلمين، وأصبحت هناك أكثر من 30 ألف مدرسة نصفها للبنات منتشرة في أنحاء المملكة وقرابة 50 منطقة تعليم ومحافظة، كما بات التفكير في انتشار روضات الأطفال بالمحافظات والهجر أمراً ملموساً نظراً لأن لا أحد سيحمل هم المرأة سوى امرأة مثلها.
وطوال مشوارها حرصت كما ظهر واضحاً للمتابعين على الرقي بالمرأة ليس فقط من حيث التعليم والتدريب بل أيضاً من خلال بوابة تطوير المناهج والخدمات والمباني التعليمية.
وربما كان ذلك لإيمانها بأن البيئة التي تتعلم فيها الفتيات يجب أن تساعدهن على أن يحببن التعليم لا مجرد أن يلتحقن به فقط، ولو طبقنا هذا النهج الذي كانت تسير عليه في مدارس البنين فلربما اختفى مشهد تمزيق الكتب بعد الامتحانات على أبواب المدارس كما نشهده كل عام.
لم تكن نورة الفايز تملك عصا سحرية لتغيير كل الأوضاع التي يراها البعض سيئة، لكنها حاولت كثيراً أن تُصلح ما أمكنها ذلك، في الوقت الذي كانت تجاهد لإثبات نفسها وإقناع الآخرين برأيها، والعمل كذلك على المطالبة بحقوقها وحقوق جنسها، مع الحرص على العدالة بين مرؤوسيها، ما يعني أنها لم تكن فقط تعمل في حقل التعليم كموظفة رسمية وإنما لتثبت معاني ذات دلالة لمن يرى.
على أن كل ذلك ما كان له أن يكون ويستمر لولا تحفيز والدها المعلم الباحث المورخ الشيخ عبدالله الفايز وموازرة زوجها المهندس الكيميائي سليمان الصليع مع إيمان قادتنا بأهمية مشاركة المرأة في اتخاذ القرار، وأن النساء في هذه البلاد المباركة شقائق الرجال، وأن مشوار مساهمة المرأة في التنمية يبدأ بتمكينها وهو ما أكدته هي نفسها في كلمة الوداع، وقبل ذلك طوال مشوارها في القطاع، وعكست من خلاله ما تؤمن به جيداً. فهل نرى لها تكريما يوازي ما قدمته من أعمال وتضحيات لوطنها طوال مسيرتها العملية؟
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم