بعد اليوم ستكون زاوية الصف الأمامي في الجهة الجنوبية لجامع المشاش حزينة ويتيمة، وستجد دموع صامته لرحيل نهائي لإنسان مسلم مسالم، لإنسان يحب السلم ويكره الخصومة ولا يحب الخوض فيها، رجل لم يشتكي منه احد طوال حياته، رجل عٌرف بالكرم، ينفق بلا منة أو تبجج، واضح الموقف، لا يلجأ للمشاكل والطعن من الخلف، ويسمى الأشياء بأسمائها الصريحة، مربي على قدر عالي من التربية، له فلسفة خاصة في التربية والتشجيع..
# حمد بن سليمان الشعلان الذي توفي مساء يوم السبت 25 ذو القعدة من سنة 1435هـ، في أحدى مستشفيات الرياض بسبب مرض مفاجئ، كان حلو المعشر، ودائم الترحيب، وكريم العطاء، لا يبخل على نفسه والاخرين بشيء، قوي القرار، شخصية غير مقلدة، واثق الكلمة، ذكي في التواصل، شجاع في الوصول للهدف، لا يكذب في الكلام، ولا يجرح أحد ولا علي سبيل المزاح..
# عندما سمعت نبأ وفاته وبعد الترحم عليه، فكرت بعدها بيني وبين نفسي بماله وعليه من الناس، ومن قد أخطأ عليهم أبا سليمان، فلم تجد ذاكرتي الصغيرة أحد ما قد مسه ضرر أو زلل منه، أو حتى خصومة عابرة من أبا سليمان، ولا أبالغ إن قلت أنني لم أرى مثله في حياتي، فقد كان رحمه الله يترك حقه للغير ولا يحب الخصام والشكاوي والمطالبات معهم، فقد كان ينأى بنفسه عن النزاعات والصراعات، وهذه صفة قلما نجدها في البشرية, ولكني وجدتها في هذه الإنسان..
#منذ أن عرفت الدنيا وأنا مع أولاده سليمان ومحمد، وفي منزلهم على الدوام، ولم أسمع منه أو من أهل بيته إلا كل ترحيب وتقدير من الجميع، فكان منزله (مدهال) للجميع، فأبوابه مفتوحة، وزاده مأكول، وكرمه فائض، وتجد في مجلسه الصغير والكبير، والقريب والغريب، فهو من أوائل الرجال الذين بنو مجلس كبير بطريقة تتسع لعدد كبير من الضيوف في بلدته، وذلك بسبب كرمه وعلاقاته الكبيرة مع الجميع، والتي اتضحت عندما توافدوا للصلاة عليه من كل مكان من رجال ونساء، ومن قريب ومن بعيد، فقد كان رحمه الله يحب الأفضل و (الجزالة) في كل شيء..
#عاش ابا سليمان كثير من (الشقاوات) مثله مثل غيره من أبناء ذلك الجيل، وتربي وترعرع في بلدة المشاش بمحافظة شقراء، والتي يٌحبها حباً جما، ورسم أول خطواته للحياة من ترابها والذي عاد له مرة أخرى يتلحف به ويتوسده تحت الثرى، منتظراً من الله أن يفتح له باب من أبواب الجنة، بعدها عاش فترة كبيرة وثانية من حياته في مدينة الرياض، والتي تعتبر هي فترة شبابه وفتوته وشدته، واستطاع ببسالته وصبره أن يُكون نفسه ويبني حياته وأسرته من خلال عمله وتجارته الحرة التي أسسها وبدئها بيديه وأقدامه، فقد كان رجل كادح مكافح، فلم يعمل مثل غيره في الوظائف الحكومية رغم توفرها وسهولة العمل فيها ذلك الوقت، فهو تواق للحرية، لا للمكوث والارتباط لدى الاخرين، وتعلم ودرس من اجل المعرفة والعلم لا من أجل الوظيفة، وعاد بعد رحلة طويلة في الرياض لبلدته ومسقط رأسه المشاش في عام 1413هـ، ليستقر ويكمل مرحلة حياته الثالثة والأخيرة في بلدته التي أحبها ودفن في ترابها بعد صلاة عصر يوم الأحد 26 / 11 / 1435هـ
#برمشة عين رحل أبا سليمان فجأة، ولكن ملامح حضوره ستبقى واضحة، وصوته القوى مسموع، ولن ينساه كل من عرفه أو التقى به، ولن ينساه طفل او طفلة أمتدت يدهُ لهما بالعطاء، فقد اجتمعت فيه خصال الكرم، وحب الخير، وكرامة النفس، ونبل المقصد، ورحيله عزاء لنا وأي عزاء، فقد رحل أبا سليمان وهو زائد في الدنيا لا زائد عليها، فاللهم اغفر له مغفرة تتجاوز كل ذنب، اللهم زد في حسناته، وتجاوز عن سيئاته، واجعله من اهل جنتك يا أرحم الراحمين.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم