دول كثيرة ومجتمعات متنوعة تتمنى وجود جهاز حسبة مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو جهاز يحمي الفضيلة في المجتمع ويحرص دوماً على أن يكون مجتمعنا نظيفاً خالياً من الموبقات والآثام. وتلك وظيفة أجرها في الدنيا وفي الآخرة.

يقارن البعض بخطأ الهيئة أنه خطأ في جهاز حكومي مثله مثل غيره، وأختلف معهم في هذا الطرح تماماً، رجال الهيئة يتعاملون مع أعراض الناس ويسترون عوراتهم، وعملهم فيه ما يُشيب رأس الفتى قبل الشيخ. وهم باختصار يمثلون أخلاق المسلم الحقيقية إتباعاً لسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في ما جاء في فقه التعامل مع الناس، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لذا فالخطأ هنا ليس مخالفة قانون مكتوب أو نظام موضوع، بل هو خطأ في اتباع سيرته (عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم).

قضية البريطاني المسلم وزوجته في الرياض استغلها المحاربون لهذا الدين العظيم وأخلاقه الجميلة بصب جام غضبهم، وذلك ديدنهم الذي عهدناه ونسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم، وذلك كان ردة الفعل على المقطع، وجاء من بعده ردة فعل من الغيورين على دينهم بالدفاع عن رجال الهيئة في تلك الحادثة. وهذا هو محور الحديث في الفقرة التالية:

لن نتطرق لقصة البريطاني وزوجته، ولن نتطرق لتحقيق الهيئة ونتائجه فتلك أفعال تمت وانتهت. ولكن بعد هدوء العاصفة لنحكِ بلغة عقل المسلم المتزن، قفزة رجال الهيئة من السيارة تجاه الشخص البريطاني بسبب تصويره لهم بجواله لم تكن مبررة مهما كانت الأسباب، وكذلك سحب بطاقة الصراف من يد البريطاني لمنعه من الدفع لدى الكاشيرة بمعية زوجته لم تكن مبررة. فلو كان هناك مسلم عاقل متزن لعرف أن يتعاطى مع الأمر، ولربما صنع صورة مشرفة لمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

رجال الفرقة تلك أخطأوا في حق رسم صورة صحيحة لتعاليم ديننا، وإظهار الأخلاق الإسلامية بصورة مختلفة. أتفهم الغيرة لديهم كونه سوف يحاسب عن كاشيرة وليس كاشير. ولكن ذلك منطق لم أقبله خصوصاً أنه كان بمعية زوجته. هو قام بالتصوير ليوثق ما يراه منذ أن بدأت القصة. وكان بإمكان رجال الهيئة الاستعانة بدورية الشرطة لأخذ هاتفه الجوال بسبب تصويره لهم.

من الخطأ الدفاع عمن يخطئ بسبب الغيرة الدينية، بل الإصلاح أوجب وأعمق في هذا الخصوص. مع العلم أنني أختلف بمفهوم ( أن يحاسب الرجل عند كاشيرة ممنوع، وأن تحاسب امرأة عند كاشير مسموح). ولعل بعض الاجتهادات الفردية لها دور فيما حدث.

وختاماً .. كي لا ننسى.. آلاف الفتيات تم إنقاذهن من المبتزين وآلاف حفلات الاختلاط والسكر والعهر والمجون قضوا عليها بكل صمت وسرية. وهناك الكثير مما لا تسعه صفحات الصحيفة. بالرغم من كل شيء مازلنا ندعم الهيئة بكل ما أوتينا ولو تطلب ذلك خصماً من رواتبنا.. فلدينا عائلة نود أن تعيش في بيئة مسلمة خالصة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .