• ×

08:38 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

محمد بن عبدالله الحسيني
بواسطة  محمد بن عبدالله الحسيني

هل نؤجل افراحنا حتى تنجلي أحزانهم ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
كثير من أبنا هذا الجيل سواء في هذه البلاد أو خارجها في الدول العربية الأخرى لم يعد يهمه من تلك الدنيا الشاسعة سوى النقر بأصابعه على الأجهزة التقنية الحديثة والتعليق بما يحلو له على الأحداث الجارية دون البحث الفعلي في أسباب تلك الأحداث والتفاعل معها جدياً.
وأعتقد أن ذلك هو السبب الرئيس لما أصبحنا نشعر به من افتقاد الإحساس والشعور بالآخرين ، فالشاب أو الرجل الكبير الذي يذرف الدمع على أطفال غزه هو نفسه الشخص الذي يقيم الأفراح ويعلق الزينات ويدفع الأموال الطائلة إذا جاءه خبر سعيد ، وقد يُدعى إلى حفل أو مأدبة غداء أو عشاء فيملأ الدنيا ضحكاً وصخباً ، ثم يعود آخر الليل ليكتب على جهازه عندما يرى القتلى والأشلاء : "حسبي الله على الصهاينة" !!.
في عدة دول عربية وفي الأيام الأولى لقصف غزه كنت تشاهد الاحتفالات العارمة في كثير من الأماكن ، وحتى القنوات الفضائية العربية هي الأخرى مليئة بالحفلات الراقصة ، وكل أنواع التسلية البصرية والسمعية ، وكأن من تضربهم إسرائيل دمى من الخشب أو القطن ، وليسوا إخواناً لنا يدافعون بأجسامهم عن المسجد والبقعة المقدسة التي كانت يوماً ما قبلة للمسلمين (وهم في رباط إلى يوم الدين) .
أما الأكثر غرابة فهم هؤلاء الذين تخلوا عن آدميتهم وعقولهم فصاروا يدعون على أهل غزه بالفناء ، لا لشيء إلا أنهم يكرهون جماعة ما ، ويرون في قتل المدنيين والأبرياء مدعاة للشماتة والانتقام من قادتها .
إلى أين وصلنا ؟ وإلى أين نسير ؟ وماذا يخبي لنا القدر ؟
كنا في الزمن الجميل يتفقد بعضنا البعض ، وإذا غاب الصديق ذهبنا إليه في منزله البعيد نسأل أهله ونتفقد حالتهم إذا كان الرجل مسافراً ، وعندما نسمع بمرض أو حادث أو وفاة نجمع الناس ونمضي دونما تفكير للوقوف مع صاحب الحدث في حزنه ، تماماً كما نشاركه الفرحة. قال صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
فماذا يحدث اليوم ؟ .. بتنا نرى الحريق يداهم منزل جارنا فترى معظم المتواجدين في المكان وقد أمسكوا بالجوال يصورون الحادث لرفعه على "يوتيوب" دون أن يتدخلوا لإنقاذ من بداخله ، ويسري ذلك على حوادث الطرق ، وغيرها من مآسي السيول ، والفيضانات ، إلى جانب ما نراه في دول أخرى من تحرش مقزز بالنساء في الشوارع وأمام الجميع في وضح النهار ، والمفزع ما نسمع عن اعتداءات في الاماكن العامة والشوارع الرئيسية دون تدخل من أحد المارة وكأن الموقف لا يعنيهم .
لست متشائماً ولا أحب التشاؤم لكن الحزن يعصرني على ما آلت إليه مشاعرنا وأحاسيسنا ونظرتنا للأمور ، وأدعو الله ألا نكون فعلياً في آخر الزمان حتى لا نكون من أشرار الناس .
وختاماً هل نؤجل اسرافنا في افراحنا حتى تنجلي أحزانهم .



 0  0  2.0K


جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...