قبل قليل قرأت مقالة سعيد الوهابي ما الفرق بين شقراء وصامطة؟ حيث يستخدم أسلوب العلاج بالصدمة- وهو أسلوب أفضله وأنحاز له كثيرا- لمعالجة مسألة المركزية في اتخاذ القرار في السعودية. رغم أني أتفق مع سعيد في الموقف، أي أنه تاريخيا كان هناك عدم توازن في النمو الاقتصادي في السعودية، إلا أني بمراجعة سريعة للأرقام التي أوردها- أجده أخفق كثيرا في المحاججة عن موقفه. سأوضح ذلك في نقطتين في مجالي التعليم العالي والتعليم العام:
١- جامعة شقراء ليست لشقراء فقط
عندما ندخل موقع جامعة شقراء سنجد أنها عبارة عن مجموعة من الكليات المنتشرة في كل من المحافظات التالية: شقراء، الدوادمي، عفيف، ضرماء، ثادق والمحمل، حريملاء، القويعية، والمزاحمية.
عدد السعوديين في هذه المناطق بحسب إحصاء ٢٠١٠ هو: ٤٣١ ألف.
أي أن الإجمالي هو : ٤٣١ ألف، أي تقريبا عشر أضعاف الرقم الذي وضعه سعيد الوهابي.
سبب هذا الخطأ الشنيع هو أنه اعتقد أن كونها جامعة شقراء فهذا يعني أنها لا تخدم إلا محافظة شقراء.
ماذا ينبني على هذا التعديل؟
بحسب موقع وزارة التعليم العالي، ميزانية جامعة شقراء حوالي ٩٠٠ مليون. أي تقريبا ٢٠٩٠ ريال لكل مواطن.
في حين أن ميزانية جامعة جازان كانت مليار وثمانمائة ألف (أي الضعف)، وهذه تعادل : ١٦٣٠ لكل مواطن، باعتبار أن عدد سكان جازان بحسب إحصاء ٢٠١٠ هو مليون ومائة ألف.
هذا من ناحية الفروقات الكميّة، لننتقل الآن للفروقات النوعيّة:سكان المحافظات التي تغطيهم جامعة شقراء لا يستطيعون أن يدرسوا الطب البشري مثلا، إذ لا توجد كلية طب بشري، بل فقط كليات صيدلة وعلوم طبية في الدوادمي والقويعية. بالمقابل، توجد في جامعة جازان كلية للطب وأخرى لطب الأسنان وثالثة للتمريض. هذا من جهة، من جهة أخرى حتى يستطيع أحد سكان المحافظات التي تغطيها جامعة شقراء أن يدرس الهندسة فإنه لا يستطيع ذلك إلا في الدوادمي وفي ثلاث مجالات: الهندسة الكهربائية والميكانيكية والمدنية. في حين أن كلية الهندسة في جازان تتيح تخصصات إضافية: الكيميائية والمعمارية والصناعية. يمكن الاستمرار بهذه الطريقة في مجالات متعددة، لنجد أن التنوع في جامعة الجازان والفرص المتاحة أكثر من جامعة شقراء. أخيرا، كل الكليات التابعة لجامعة شقراء لا تقدم دراسات عليا، بل فقط تقدم شهادات بكالوريوس، في حين أن جامعة جازان لديها عمادة دراسات عليا وتقدم عددا من البرامج من خلاله.
٢- هل هناك ما يتعلمه انسان صامطة؟
لم أزر في حياتي صامطة، ولا أزعم أني خبير فيها، لكن بعد بحث قليل في الإنترنت وجدت أن الصورة التي يقدمها بها سعيد الوهابي مضللة. لندقق في هذه العبارة المليئة بالمبالغة: إنسان شقراء يعيش في مدينة فيها حدائق ومستشفى جيد وحي نظيف ووالده تعلم في جامعة شقراء بينما إنسان صامطة يرعى الغنم، إنسان شقراء جيل بعد جيل يتعلم أكثر ويتسيد أكثر وإنسان صامطة يطالب المسؤلين ويتراجع.
هذا غير صحيح. على مستوى التعليم العالي، في صامطة كلية تابعة لجامعة جازان، وهي كلية الآداب والعلوم للبنات.
أما على مستوى التعليم العام، فحسب موقع وزارة التعليم، في صامطة ١٢٠ مدرسة ابتدائية، و٦٠ متوسطة، و٢٥ ثانوية. بالمقابل في شقراء يوجد ٥٦ مدرسة ابتدائية، و٣٠ مدرسة متوسطة، و٨ ثانويات. أي أن في صامطة من المدارس ٢٠٥، مقابل ٩٤ في شقراء، أي أن عدد المؤسسات التعليمية الحكومية العامة في صامطة أكثر من ضعف تلك الموجودة في شقراء. أي أن في صامطة (التي يبلغ عدد سكانها السعوديين ١٦٢ألفا) مؤسسة تعليمية لكل ٧٩٠ شخصا، في حين أن في شقراء مؤسسة لكل ٣٠٧ شخص. طبعا هذي النتائج ليست دقيقة، إذ لم نأخذ بالحسبان سعة المدارس، والتنوع العمري للسكان في كل محافظة، ولكن بشكل عام يمكن القول أن هناك تحيزا لصالح شقراء، لكنه تحيز لا يجعل من انسان صامطة بلا مؤسسات تعليم، ولا يجد شيئا سوى رعاية الغنم. كما أن هذه النتائج كميّة فقط، ولا تأخذ بالحسبان جودة التعليم.
ماذا يعني هذا؟
كما ذكرت مسبقا أنا أتفق مع الوهابي في النتيجة، لكن أعتقد أن الحجج التي أوردها ضعيفة ومضللة ومبالغ فيها. عند التعامل مع مسألة المركزية، والفرق في الإنفاق الحكومي بين المركز والأطراف، لابد أن نراعي الجوانب التالية:
١- ليست كل الجهات الحكومية متماثلة. فدرجة المركزة لدى وزارة الصحة تختلف عنها لدى وزارة التعليم العالي، وعن هاتين الاثنتين لدى وزارة التعليم العام. وذلك يعود إلى غياب التنسيق الأفقي بين الوزارات، وكون الوزارات تشكلت تاريخيا باعتبارها تعمل لوحدها وبسياسة عامودية ليست أفقية.
٢- بالإضافة إلى أهمية التركيز على الفارق بين المركز والأطراف، لا بد من الاهتمام بالفوارق داخل كل من المركز والأطراف. فعلى سبيل المثال: الدوادمي أكثر بكثير من ناحية عدد السكان من شقراء، لكنها أقل اهتماما، وكلا المحافظتين داخل المركز. أي أنه لا يصح أن نعتقد أن المركز كله متماثل، كما أنه لا يصح أن نعتقد أن الأطراف كلها متماثلة، فبريدة في القصيم ليست مثل عقلة الصفور في القصيم.
٣- يمكن القول بشكل عام أن عملية مدّ الطرق والمرافق الصحية والمدارس والكهرباء والمياه غطت جوانب كبيرة من القرى والبلدات في السعودية. أي أن السعودية استطاعت تحقيق هذه التغطية من ناحية كميّة. إلا أن المسألة والمشكلة الأساسية هي في جودة ادارة هذه المؤسسات. وبالتالي المطالبة باللامركزية ليست من أجل مدارس ومستشفيات وجامعات أكثر- مع الاقرار بأن هناك حاجة لهذه- ولكن من أجل مدارس ومستشفيات وجامعات ذات كفاءة وجودة أكثر.
١- جامعة شقراء ليست لشقراء فقط
عندما ندخل موقع جامعة شقراء سنجد أنها عبارة عن مجموعة من الكليات المنتشرة في كل من المحافظات التالية: شقراء، الدوادمي، عفيف، ضرماء، ثادق والمحمل، حريملاء، القويعية، والمزاحمية.
عدد السعوديين في هذه المناطق بحسب إحصاء ٢٠١٠ هو: ٤٣١ ألف.
أي أن الإجمالي هو : ٤٣١ ألف، أي تقريبا عشر أضعاف الرقم الذي وضعه سعيد الوهابي.
سبب هذا الخطأ الشنيع هو أنه اعتقد أن كونها جامعة شقراء فهذا يعني أنها لا تخدم إلا محافظة شقراء.
ماذا ينبني على هذا التعديل؟
بحسب موقع وزارة التعليم العالي، ميزانية جامعة شقراء حوالي ٩٠٠ مليون. أي تقريبا ٢٠٩٠ ريال لكل مواطن.
في حين أن ميزانية جامعة جازان كانت مليار وثمانمائة ألف (أي الضعف)، وهذه تعادل : ١٦٣٠ لكل مواطن، باعتبار أن عدد سكان جازان بحسب إحصاء ٢٠١٠ هو مليون ومائة ألف.
هذا من ناحية الفروقات الكميّة، لننتقل الآن للفروقات النوعيّة:سكان المحافظات التي تغطيهم جامعة شقراء لا يستطيعون أن يدرسوا الطب البشري مثلا، إذ لا توجد كلية طب بشري، بل فقط كليات صيدلة وعلوم طبية في الدوادمي والقويعية. بالمقابل، توجد في جامعة جازان كلية للطب وأخرى لطب الأسنان وثالثة للتمريض. هذا من جهة، من جهة أخرى حتى يستطيع أحد سكان المحافظات التي تغطيها جامعة شقراء أن يدرس الهندسة فإنه لا يستطيع ذلك إلا في الدوادمي وفي ثلاث مجالات: الهندسة الكهربائية والميكانيكية والمدنية. في حين أن كلية الهندسة في جازان تتيح تخصصات إضافية: الكيميائية والمعمارية والصناعية. يمكن الاستمرار بهذه الطريقة في مجالات متعددة، لنجد أن التنوع في جامعة الجازان والفرص المتاحة أكثر من جامعة شقراء. أخيرا، كل الكليات التابعة لجامعة شقراء لا تقدم دراسات عليا، بل فقط تقدم شهادات بكالوريوس، في حين أن جامعة جازان لديها عمادة دراسات عليا وتقدم عددا من البرامج من خلاله.
٢- هل هناك ما يتعلمه انسان صامطة؟
لم أزر في حياتي صامطة، ولا أزعم أني خبير فيها، لكن بعد بحث قليل في الإنترنت وجدت أن الصورة التي يقدمها بها سعيد الوهابي مضللة. لندقق في هذه العبارة المليئة بالمبالغة: إنسان شقراء يعيش في مدينة فيها حدائق ومستشفى جيد وحي نظيف ووالده تعلم في جامعة شقراء بينما إنسان صامطة يرعى الغنم، إنسان شقراء جيل بعد جيل يتعلم أكثر ويتسيد أكثر وإنسان صامطة يطالب المسؤلين ويتراجع.
هذا غير صحيح. على مستوى التعليم العالي، في صامطة كلية تابعة لجامعة جازان، وهي كلية الآداب والعلوم للبنات.
أما على مستوى التعليم العام، فحسب موقع وزارة التعليم، في صامطة ١٢٠ مدرسة ابتدائية، و٦٠ متوسطة، و٢٥ ثانوية. بالمقابل في شقراء يوجد ٥٦ مدرسة ابتدائية، و٣٠ مدرسة متوسطة، و٨ ثانويات. أي أن في صامطة من المدارس ٢٠٥، مقابل ٩٤ في شقراء، أي أن عدد المؤسسات التعليمية الحكومية العامة في صامطة أكثر من ضعف تلك الموجودة في شقراء. أي أن في صامطة (التي يبلغ عدد سكانها السعوديين ١٦٢ألفا) مؤسسة تعليمية لكل ٧٩٠ شخصا، في حين أن في شقراء مؤسسة لكل ٣٠٧ شخص. طبعا هذي النتائج ليست دقيقة، إذ لم نأخذ بالحسبان سعة المدارس، والتنوع العمري للسكان في كل محافظة، ولكن بشكل عام يمكن القول أن هناك تحيزا لصالح شقراء، لكنه تحيز لا يجعل من انسان صامطة بلا مؤسسات تعليم، ولا يجد شيئا سوى رعاية الغنم. كما أن هذه النتائج كميّة فقط، ولا تأخذ بالحسبان جودة التعليم.
ماذا يعني هذا؟
كما ذكرت مسبقا أنا أتفق مع الوهابي في النتيجة، لكن أعتقد أن الحجج التي أوردها ضعيفة ومضللة ومبالغ فيها. عند التعامل مع مسألة المركزية، والفرق في الإنفاق الحكومي بين المركز والأطراف، لابد أن نراعي الجوانب التالية:
١- ليست كل الجهات الحكومية متماثلة. فدرجة المركزة لدى وزارة الصحة تختلف عنها لدى وزارة التعليم العالي، وعن هاتين الاثنتين لدى وزارة التعليم العام. وذلك يعود إلى غياب التنسيق الأفقي بين الوزارات، وكون الوزارات تشكلت تاريخيا باعتبارها تعمل لوحدها وبسياسة عامودية ليست أفقية.
٢- بالإضافة إلى أهمية التركيز على الفارق بين المركز والأطراف، لا بد من الاهتمام بالفوارق داخل كل من المركز والأطراف. فعلى سبيل المثال: الدوادمي أكثر بكثير من ناحية عدد السكان من شقراء، لكنها أقل اهتماما، وكلا المحافظتين داخل المركز. أي أنه لا يصح أن نعتقد أن المركز كله متماثل، كما أنه لا يصح أن نعتقد أن الأطراف كلها متماثلة، فبريدة في القصيم ليست مثل عقلة الصفور في القصيم.
٣- يمكن القول بشكل عام أن عملية مدّ الطرق والمرافق الصحية والمدارس والكهرباء والمياه غطت جوانب كبيرة من القرى والبلدات في السعودية. أي أن السعودية استطاعت تحقيق هذه التغطية من ناحية كميّة. إلا أن المسألة والمشكلة الأساسية هي في جودة ادارة هذه المؤسسات. وبالتالي المطالبة باللامركزية ليست من أجل مدارس ومستشفيات وجامعات أكثر- مع الاقرار بأن هناك حاجة لهذه- ولكن من أجل مدارس ومستشفيات وجامعات ذات كفاءة وجودة أكثر.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
مهندس/ابراهيم بن محمد ابوعباة
يا سلطان لقد اعطاك الله سلطانا من الحجة الدامغة .
اعجبني طرحك الموثق بالارقام وكأنك تقول له اكمل الآية(ويل للمصلين)
حفظك الله ورعاك
28-04-2014 09:08 صباحًا
محمد العريني
ايضا ﻻ بد أن نأخذ العمق التاريخي فشقراء ﻻ ننسى مواقفها تجاه هذا الوطن منذ تأسيس المغفور له مقارنة بغيرها والذي لم يتطرق له الكاتب وشكرا .
28-04-2014 01:04 مساءً