ما أن هدأت الزوبعة التي أثارها مقال " لماذا البنات السعوديات قبيحات وغبيات " للأستاذ سعيد الوهابي ، الكاتب في جريدة عكاظ حتى أثار زوبعةً أخرى بمقال لا يقلّ سذاجة عن سابقه عنونه بـ " ماهو الفرق بين شقراء وصامطة "

..والذي أثار كثيراً من علامات التعجّب..وذلك لما يحويه من إِفتئات وتضليل وتدليس ومغالطات كبيرة،حيث وضع لنا فرضيات خاطئة ، ليجبرنا على قبول نتائج خاطئة يريد أن يصل إليها .. ومابُني على باطل فهو باطل ..





( ١ )


استهلّ الكاتب مقاله بسطحية شديدة قائلاً : " عدد سكان جازان 1.5 مليون نسمة ولديهم جامعة واحدة، وعدد سكان شقراء 45 ألف نسمة ولديهم جامعة واحدة وهذا ينم عن جهله الكبير بجامعة شقراء و النطاق الأكاديمي الذي تخدمه إذ تعتبر أكبر جامعات المملكة مساحة جغرافية ، حيث أن كلياتها تشمل : محافظة شقراء ، محافظة الدوادمي ، محافظة القويعية ، محافظة عفيف ، محافظة حريملاء ، محافظة المزاحمية ، محافظة ضرماء ، محافظة ثادق ، محافظة مرات , مدينة ساجر، فهي تغطي رقعة كبيرة وتخدم مئات الآلاف من السكان ،ولو لم توجد هذه الجامعة سيضطر هؤلاء الطلاب إلى الذهاب لجامعات الرياض كما كانوا يفعلون سابقاً ، قبل إقرار خطة توزيع الجامعات على المناطق لتخفيف التكدس السكاني في المدن الكبرى ، و لأن شقراء من المدن الرديفة للعاصمة ، ولما تحمله من إرث تاريخي ، وموقع استراتيجي ، وسجل حافل بدعم التنمية الاجتماعية فقد وُضع رأس الجامعة بها وتمددت أطرافها إلى بقية هذه المدن.





( ٢ )


واصل الكاتب جهله قائلاً : " عدد الأسرة في مستشفى شقراء أضعاف عدد الأسرة لإنسان صامطة من حيث عدد السكان "

أولاً مستشفى شقراء لا يخدمها لوحدها ، بل يخدم عشرات المدن الأخرى الواقعة في إقليم الوشم ، ثانياً الكثير من أهالي شقراء يذهبون للعلاج في الرياض نظراً لأن إمكانيات هذا المستشفى الذي يحسد شقراء عليه لا يُلبي احتياجاتهم ، وينقصه العديد من التخصّصات والأجهزة والخدمات الطبية ".




( ٣ )


ثم يكمل بطرح ساذج " وجد في شقراء جامعة باسمها بلغت نفقاتها هذا العام مليار ريال، هذا يعني مزيدا من الوظائف والمميزات لسكان شقراء " .. ماهذا المنطق السطحي المناطقي العجيب ! ، وظائف جامعة شقراء ليست حكراً على أهلها بل هي حق مشاع لجميع أهالي المملكة ، التي

هي كل لا يتجزأ ، ولعل المفارقة الجميلة في الموضوع ، والتي تُبطل فرضية هذا المناطقي ، أن أول مدير لجامعة شقراء هو من أبناء الجنوب الغالي ، فوظائف الجامعة تُمنح بحسب المفاضلة بين جميع المتقدمين من سائر أرجاء مملكتنا الحبيبة،

و ليست قطع أراضي توزعها بلدية شقراء على أهاليها ! ..





( ٤ )


ويُمعن في الهرطقة قائلاً " ماذا لو وُلد طفل ما في شقراء وآخر في صامطة؟، مع هذا الفرق في الإنفاق الحكومي بين المدينتين ستختلف حياتهما بالطبع، إنسان شقراء يعيش في مدينة فيها حدائق ومستشفى جيد وحي نظيف ووالده تعلم في جامعة شقراء بينما إنسان صامطة يرعى الغنم "




من يقرأ هذا التضليل

سيعتقد أن شقراء تُنافس طوكيو في التنمية وصامطة صحراء جرداء خالية من مقومات الحياة "، بينما الواقع الرقمي يقول أن عدد المدارس في كل المحافظات والمدن والقرى التابعة لإدارة التربية والتعليم بشقراء للبنين والبنات لايتجاوز 140مدرسة ، بينما عدد مدارس صامطة 152 مدرسة بنين ، و 114 مدرسة بنات .. هل يوجد تضليل أكبر من هذا ؟!!



( ٥ )


يواصل الكاتب بنَفَسه المناطقي : " إنسان شقراء جيل بعد جيل يتعلم أكثر ويتسيد أكثر وإنسان صامطة يطالب المسؤلين ويتراجع، "

بما أنه يجهل إنسان شقراء أيضاً وبحكم اهتمامه الكبير بالتنمية ، سأخبره ماذا قدم هذا الانسان الذي يحسُده على جامعةٍ نصيبه منها لا يتجاوز ٥ كليات فقط من مجموع ٢٤ كلية،إنسان شقراء يا أستاذ سعيد لم يساهم في تنمية بلده " بالهرطقة في الصحف " بل بذل المال وفكر الرجال ، إنسان شقراء ياعزيزي ، قام ببناء عدد كبير من المشاريع الحضارية والتنموية بـ حُر ماله ، وقدمها هدية لمملكتنا الغالية ، وأهلها الطيبين ، إنسان شقراء الذي تستكثر عليه مستشفى غير مُكتمل لا يفي باحتياجات المرضى ..

قام بتشكيل مجلس للأهالي لبحث ودعم كل المشاريع التنموية والحضارية ، إنسان شقراء ياعزيزي قام ببناء " مركز للتنمية الاجتماعية " ومركزاً للتأهيل الشامل للإناث ومركزاً للهلال الأحمر ،وساهم في مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري بتبرعه بمبلغ "

37 مليون ريال " رغم أن غالبية من سيستفيد من هذا المشروع هم من خارج شقراء ،إنسان شقراء ياعزيزي عندما شاهد أن مبنى دار التربية الاجتماعية المستأجر لايفي باحتياجات أبنائه النزلاء قام ببناء مبنى كبير على أحدث طراز وأثثه بأجمل أثاث وقدمه هدية لوزارة الشؤون الاجتماعية رغم أنه لايوجد فيه أي نزيل من أبناء شقراء بل هم من أبناء المُدن الأخرى في مملكتنا الحبيبة ، ولكن إنسان شقراء لا يحمل النَفَس المناطقي الذي تحمله ،ولا النظرة الضيقة التي ترى بها ، إنسان شقراء ياعزيزي يسابق زميله إنسان شقراء الآخر في البذل والعطاء لدعم التنمية الفكرية،والارتقاء بالعملية التربوية

والتعليمية في محافظته فمن جائزة الجميح للتفوق العلمي وحفظ القرآن الكريم إلى جائزة العيسى للتميز في مجال العمل التربوي والتعليمي مروراً بجائزة المانع لأفضل فكرة في التربية والتعليم ،إضافة إلى برنامج المهنا للتدريب وبناء الطموح،وغيرها من المبادرات الأخرى !


( ٦ )


لم يكتف إنسان شقراء بدعم عجلة التنمية ورسم خريطة للمستقبل فحسب ! ، بل قام بالالتفات إلى ماضي بلدته العريقة، وماتحمله من عبق جميل ، وذكريات لاتنسى بدعمها للمؤسس طيب الله ثراه ، حيث كانت إحدى المحطات المهمة له ، أثناء قيامه بتوحيد مملكتنا الغالية ، فقام بإعادة إعمارها وترميم مبانيها ليقدمها هدية لهيئة السياحة والآثار ..



( ٧ )


بما أن الأستاذ سعيد استفتح مقاله بـ " مطمة " تدل على جهله ، فقد أبى إلا أن يختمه بمطمة أخرى حين قال : " هناك أملج وأشيقر، حفر الباطن والخرج، سدير والليث، كل المقارنات ستنتهي إلى أن هناك من يعزز اللاعدالة في التنمية المحلية " بالتأكيد أن الكل ضحكوا على مقارنة سدير والليث لأنه لايوجد مدينة اسمها سدير بل هو إقليم واسع يضم عشرات البلدان الحالمة، ولكني ضحكت أكثر على أمر آخر وهو مقارنته بين أملج وأشيقر ! ،

يؤسفني ياعزيزي سعيد أن أخبرك أن أشيقر ليست محافظة حتى تعقد مقارنة بينها وبين محافظة أملج الجميلة ..

أشيقر مدينة نموذجية بالغة الجمال ولكنها لم تنل النصيب الذي تستحقه في التنمية ، ولذا قامت بالتنمية الذاتية حيث ساهم أهلها الأوفياء ببذل الغالي

والنفيس لبناء بعض المشاريع التنموية ، والحضارية وإعمار القرية التاريخية ، وبناء المنتزهات الجبلية، ورصد جائزة للتفوق العلمي ، وغيرها الكثير.. إلا إن كان يحسدهم على وجود مدرسة ثانوية أو مستوصف صحي صغير ، أو مكتب للبريد !





( ٨ )


في الختام أتمنى من الأستاذ سعيد إن رأى أن إحدى البلدان تفتقد لبعض المشاريع أن يكتب عنها ويطالب بذلك بعيداً عن أسلوب المقارنة الساذجة لأنه لايمتلك القدرة على البحث عن المعلومة الصحيحة ، وغير متمكن من أدوات المقارنة ، فضلاً عن أنه يُذكي المناطقية البغيضة فكلنا أبناء وطن واحد ، تحت مظلة عرّاب التنمية الأول والدنا الغالي الملك عبدالله حفظه الله ..

مع تمنياتي القلبية لمحافظة صامطة الغالية ولمنطقة جازان الحبيبة ولبقية محافظات ومناطق المملكة بالنمو والإزدهار والمزيد من المشاريع الحضارية والتنموية التي تحقق تطلعات أهلها ومحبيها..





( ٩ )


" من السهولة أن تلفت الإنتباه لنفسك بطرق أسرع بكثير من " تعرية فكرك"..

ولكن من الصعوبة أن تجمع بين لفت الإنتباه وكسب الإحترام".










( ١٠ )



عندما يمتزج عبق ريحان الجنوب بشذا عطر شقراء ، لابد أن يحضر ذكر الدكتور الفاضل زاهر بن عواض الألمعي الأديب الشاعر عضو مجلس الشورى السابق ،وعضو جمعية حقوق الإنسان

الذي التحق بمعهد شقراء العلمي سنة 1377 هـ ( قبل ميلاد سعيد الوهابي بـ ٣٠ سنة ) نظراً لما لهذا المعهد من سمعة كبيرةً ذلك الوقت ، وبعد تخرجه منه ووداعه لشقراء فاضت قريحته بهذه الأبيات :




نظرت إلى شقراء نظرة واله

تدافع في أعماقه المد والجزر




نظرت لها وقت الرحيل مودعا

معاقل إخوان يطيب بهم ذكر




سلام على شقراء ما ذر شارق

وما فاح من نبت الروابي بها عطر




وبوركت يا شقراء قوماً وموطناً

ومنتجعاً في ساحة الروض مخضر