أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي .... يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا
استدركت ماضياً جميلاً، وأغمضت عيني لتبدو الصورة في مخيلتي اصفى وأنقى، تذكرت مدرستي الابتدائية، وتذكرت حقيبتي وأدواتي وكتبي ودفاتري، تذكرت سطوة المعلم وفي نفس الوقت حظوته، تذكرت مهابة المعلم حينما يمشي في الشارع أيام العطل الأسبوعية وكيف نفر هاربين لكي لا يرانا، وتذكرت مكانته في مجالس آبائنا وأهميته في مجتمعنا، تذكرت كميات الواجبات المرهقة المضنية بكتابة قطعة ما عشر مرات أو حفظ قصائد ونصوص ورسم خرائط ومثلثات والتي كانت تُعطى لنا قُبيل إجازات الأعياد أو الربيع. تذكرت أن الغياب كان من المحرمات، وأن آخر يوم في المدرسة لا تُسجل فيه أي غيابات، تذكرت التطعيمات الطبية التي تُجرى في مدارسنا، تذكرت أن المرور من أمام غرفة المدير يتطلب شجاعة عنترة وإقدام خالد بن الوليد. تذكرت العصا والجميع ذاق طعمها وألمها ولو كان من المتفوقين. تذكرت زمناً جميلاً في التربية والتعليم. تذكرت زمان ( اللحم لكم والعظم لنا).
وفتحت عيني وانقطع البث الجميل لتلك المرحلة التعليمية تلك الصورة بمخيلتي ، وبدأت الحديث مع صاحبي والذي يشغل منصب ( مدير مدرسة) وسألته عن الواقع الحالي للتعليم فقال لي: من أين لك ابدأ لكي أنتهي، لدينا أنظمة وقوانين تأتي مع كل وزير جديد، ولدينا آليات رمادية ضبابية تمشي بالتعليم كما درب الحية على الرمال متأرجحين في كل يوم، نتلقى أسبوعياً ما معدله 20 تعميماً ما بين سري وسري للغاية وللاطلاع وغيرها من تلك الديباجات. بعضها ينقض قانوناً مكتوباً وبعضها يُغير وبعضها يمسح ويضيف حتى أصبحنا لا نعلم أين الطريق؟ وبعضها يستدعي الذهاب لمقر ادارة التعليم لاستلام التعميم رسمياً. وكأن التعليم لدينا تحول إلى منشآت عسكرية صارمة قاسية. والمصيبة فيما ذكرت لك أن معظمها طلب بيانات مدرسية تخص معلمين أو طلاباً أو نتائج مواد وجميعها متوفرة في برنامج (نور) ولكن لا يريدون أن يعملوا بل يستمتعوا أن يشغلونا عن إدارة مدارسنا. وشدني الحوار معه على موضوع المُعلم وهو الأهم في العملية التربوية التعليمية.
قال لي صديقي المدير: نعاني بشكل يومي من نوعية بعض المعلمين سواء بتأخرهم عن الحضور وكثرة استئذانهم وغيابهم بعذر أو بدون عذر. ومدى تأثير ذلك على العملية التربوية والتعليمية للطلاب، وما يزيد الطين بلة هو وجود معلمين أكفاء يُشار إليهم بالبنان في نفس المدرسة، وفي نهاية العام جميعهم يحصلون على نفس الترقية والعلاوة. نظامنا عقيم جداً في محاسبة المقصر وبنفس الوقت بمكافأة المتميز.
صُدمت بما علمت، وقلت له: وهل من مزيد؟ وأضاف المدير قائلاً: هناك محسوبيات وعلاقات تربط الأطراف جميعاً من مشرف تربوي إلى مشرف تعليمي ومشرف مكتب وغيرها من تلك المسميات ولها دور في ذلك، وأكثر ما يقود تلك المحسوبيات المقولة الشهيرة ( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) وكأن الطلاب هم مجرد قطعان من الماشية لا ينقصهم سوى الشعير. فقاطعته.. ولكن تلك مصيبة عظيمة تستدعي تدخل المسئول ؟ وقال لي عجزت الوزارة بكوادرها وقوانينها وآلياتها عن علاج تلك الظاهرة التي قوضت مستوى تربية وتعليم الأبناء. وهذا ما ساهم في خروج آلاف من المدارس الخاصة والتي تحول لها ميسورو الحال رغبة منهم في تعليم أفضل وتربية أشمل لأبنائهم. ومعظمها مملوكة لبعض منسوبي وزارة التربية والتعليم بمسميات مختلفة.
انتهى حواري مع صديقي المدير وتذكرت حجم الضوضاء الإعلامية في اكتشاف خطأ في كتاب مدرسي، والسكوت المطبق بنفس الوقت عن معلم يُشعل سيجارته وهو خارج من المدرسة غير آبه بالطلاب من حوله، والذين يرونه قدوة لهم ، ولربما تُصبح السيجارة قدوة لهم ايضاً في المستقبل القريب. وليس هذا فحسب، فهناك ايديولوجيات يعتنقها بعض المعلمين ويجد في المدرسة بيئة خصبة لبثها ونشرها للطلاب دون حسيب أو رقيب. وهناك من خان أمانة التعليم بتصوير الطلاب في أي وضع كانوا وبعضهم بتصوير أوراقهم وواجباتهم واختباراتهم ضاربين عرض الحائط بمعنى كلمة ( مُعلم)، والمشكلة مستمرة طالما أن وزارة الخدمة المدنية تضخ سنوياً آلاف المعلمين لوزارة التربية والتعليم دون مقابلات شخصية تربوية متخصصة لضمان انتقاء الأفضل منهم لسلك التربية والتعليم. مما أعلمه أن الجانب النسائي أفضل بكثير جداً من الناحية التربوية والتعليمية للمعلمات، وما زلت اشدد على جعل تعليم الصفوف الأولية من اختصاص المعلمات واقولها من واقع تجربة تعليمي لأبنائي في مدارس خاصة. من يُحرمها أو يجرمها فليأتنا بسلطان مبين. التعليم طالما أنه لا يخالف الشريعة فهو ما نريده، أما إذا خالف الأعراف فذلك من صُنع الإنسان ولا نأثم بمخالفته.
مستقبل التعليم لدينا يُبشر بالخير مع بدايات شركة ( تطوير)، فالبدايات لها تُركز على (المُعلم) وهذا العنصر الأهم، حيث أنهم يعتمدون في تقييم سنوي على مفاضلة الأكفأ وترقيته ليصبح معلم أول بنصاب ست حصص أسبوعية ومشاركة إدارية وتربوية على بقية المعلمين فيما يعملون. وهذا ما يحقق العدل في العمل التربوي والتعليمي. وهناك الكثير أيضاً مما تخطط له الشركة فيما يتعلق ببناء المدارس وتجهيزاتها ومختبراتها. مما يضيء الطريق لعودة العملية التربوية التعليمية لمسارها الصحيح. وبالتالي يكون استثمارنا في أبنائنا له مردود على وطننا.
وفتحت عيني وانقطع البث الجميل لتلك المرحلة التعليمية تلك الصورة بمخيلتي ، وبدأت الحديث مع صاحبي والذي يشغل منصب ( مدير مدرسة) وسألته عن الواقع الحالي للتعليم فقال لي: من أين لك ابدأ لكي أنتهي، لدينا أنظمة وقوانين تأتي مع كل وزير جديد، ولدينا آليات رمادية ضبابية تمشي بالتعليم كما درب الحية على الرمال متأرجحين في كل يوم، نتلقى أسبوعياً ما معدله 20 تعميماً ما بين سري وسري للغاية وللاطلاع وغيرها من تلك الديباجات. بعضها ينقض قانوناً مكتوباً وبعضها يُغير وبعضها يمسح ويضيف حتى أصبحنا لا نعلم أين الطريق؟ وبعضها يستدعي الذهاب لمقر ادارة التعليم لاستلام التعميم رسمياً. وكأن التعليم لدينا تحول إلى منشآت عسكرية صارمة قاسية. والمصيبة فيما ذكرت لك أن معظمها طلب بيانات مدرسية تخص معلمين أو طلاباً أو نتائج مواد وجميعها متوفرة في برنامج (نور) ولكن لا يريدون أن يعملوا بل يستمتعوا أن يشغلونا عن إدارة مدارسنا. وشدني الحوار معه على موضوع المُعلم وهو الأهم في العملية التربوية التعليمية.
قال لي صديقي المدير: نعاني بشكل يومي من نوعية بعض المعلمين سواء بتأخرهم عن الحضور وكثرة استئذانهم وغيابهم بعذر أو بدون عذر. ومدى تأثير ذلك على العملية التربوية والتعليمية للطلاب، وما يزيد الطين بلة هو وجود معلمين أكفاء يُشار إليهم بالبنان في نفس المدرسة، وفي نهاية العام جميعهم يحصلون على نفس الترقية والعلاوة. نظامنا عقيم جداً في محاسبة المقصر وبنفس الوقت بمكافأة المتميز.
صُدمت بما علمت، وقلت له: وهل من مزيد؟ وأضاف المدير قائلاً: هناك محسوبيات وعلاقات تربط الأطراف جميعاً من مشرف تربوي إلى مشرف تعليمي ومشرف مكتب وغيرها من تلك المسميات ولها دور في ذلك، وأكثر ما يقود تلك المحسوبيات المقولة الشهيرة ( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) وكأن الطلاب هم مجرد قطعان من الماشية لا ينقصهم سوى الشعير. فقاطعته.. ولكن تلك مصيبة عظيمة تستدعي تدخل المسئول ؟ وقال لي عجزت الوزارة بكوادرها وقوانينها وآلياتها عن علاج تلك الظاهرة التي قوضت مستوى تربية وتعليم الأبناء. وهذا ما ساهم في خروج آلاف من المدارس الخاصة والتي تحول لها ميسورو الحال رغبة منهم في تعليم أفضل وتربية أشمل لأبنائهم. ومعظمها مملوكة لبعض منسوبي وزارة التربية والتعليم بمسميات مختلفة.
انتهى حواري مع صديقي المدير وتذكرت حجم الضوضاء الإعلامية في اكتشاف خطأ في كتاب مدرسي، والسكوت المطبق بنفس الوقت عن معلم يُشعل سيجارته وهو خارج من المدرسة غير آبه بالطلاب من حوله، والذين يرونه قدوة لهم ، ولربما تُصبح السيجارة قدوة لهم ايضاً في المستقبل القريب. وليس هذا فحسب، فهناك ايديولوجيات يعتنقها بعض المعلمين ويجد في المدرسة بيئة خصبة لبثها ونشرها للطلاب دون حسيب أو رقيب. وهناك من خان أمانة التعليم بتصوير الطلاب في أي وضع كانوا وبعضهم بتصوير أوراقهم وواجباتهم واختباراتهم ضاربين عرض الحائط بمعنى كلمة ( مُعلم)، والمشكلة مستمرة طالما أن وزارة الخدمة المدنية تضخ سنوياً آلاف المعلمين لوزارة التربية والتعليم دون مقابلات شخصية تربوية متخصصة لضمان انتقاء الأفضل منهم لسلك التربية والتعليم. مما أعلمه أن الجانب النسائي أفضل بكثير جداً من الناحية التربوية والتعليمية للمعلمات، وما زلت اشدد على جعل تعليم الصفوف الأولية من اختصاص المعلمات واقولها من واقع تجربة تعليمي لأبنائي في مدارس خاصة. من يُحرمها أو يجرمها فليأتنا بسلطان مبين. التعليم طالما أنه لا يخالف الشريعة فهو ما نريده، أما إذا خالف الأعراف فذلك من صُنع الإنسان ولا نأثم بمخالفته.
مستقبل التعليم لدينا يُبشر بالخير مع بدايات شركة ( تطوير)، فالبدايات لها تُركز على (المُعلم) وهذا العنصر الأهم، حيث أنهم يعتمدون في تقييم سنوي على مفاضلة الأكفأ وترقيته ليصبح معلم أول بنصاب ست حصص أسبوعية ومشاركة إدارية وتربوية على بقية المعلمين فيما يعملون. وهذا ما يحقق العدل في العمل التربوي والتعليمي. وهناك الكثير أيضاً مما تخطط له الشركة فيما يتعلق ببناء المدارس وتجهيزاتها ومختبراتها. مما يضيء الطريق لعودة العملية التربوية التعليمية لمسارها الصحيح. وبالتالي يكون استثمارنا في أبنائنا له مردود على وطننا.
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم