• ×

09:31 مساءً , السبت 21 ديسمبر 2024

admincp
بواسطة  admincp

تربية الشارع والمدرسة والجار

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
قديماً كانت البيوت متلاصقة والنفوس متقاربة، كان الجار أقرب ما يكون عليه الآن وكانت الحارة جزءًا من التركيبة الاجتماعية. كانت هناك (الفرجة) وهي فتحة بين بيتين متلاصقين وتكون للتزاور وتبادل الطعام . وكان هناك الشارع (السكة) وهو المكان الذي يلهو فيه الأطفال "بنات و أولاد". وكان أذان المغرب بمثابة نهاية يومهم. وذلك ما يبرره استخدام الرجال ساعات حسب التوقيت الغروبي (العربي) .

آبائنا وأجدادنا بالرغم عدم التحاق معظمهم في العملية التعليمية إلا أنهم يُدركون أهميته، وصنعوا لنا مناخاً مريحاً من أجل أن تكون المدرسة المكان المحبب لنا، والعلم هو الغذاء المحبب لعقولنا. وكانت كذلك. وساهم معهم نخبة من المعلمين الأكفاء الذين يرون في دورهم امتدادًا للرسالة. فحفظنا القرآن وتعلمنا فنون النحو والصرف وأتقنا جدول الضرب، وعرفنا كيف تتم الزراعة، وماهي الحيوانات الأليفة. لقد كانت العملية التعليمية آنذاك جزءًا من متعتنا كأطفال. وكانت المرحلة الثانية في العملية التربوية للأطفال.

ونعود للمنازل ونقضي فروضنا المدرسية بكل حماس بالرغم من إجحافها، فقد كان هناك واجب القراءة نكتبه عشر مرات واحياناً عشرين مرة، وساهم في تحسين خط الكتابة ومهارة الإملاء وواجب الحساب وكان طويلاً مرهقاً مضنياً، وساهم في فتح آفاق المعرفة للجامعة وبعده نبدأ بحفظ آيات من القرآن الكريم التي رسخت في الذاكرة الى تاريخه. ساعات نقضيها كل يوم، ونجد بعدها مساحة للعب واللهو والمرح . وكان الشارع حديقتنا اليومية وأبناء الجيران والحارة نلتئم سوياً. وتعلمنا من بعضنا صناعة (النباطة) و (الحقّة) وغيرها الكثير. وتعلمنا ألعاباً ليلية مثل ( الحبشة) و( عظيم ساري) . وكان الشارع المرحلة الثالثة بعد البيت والمدرسة في استمرار العملية التربوية .

الجار كان يُشكل المرحلة الرابعة، ومعهم وبهم تعلمنا كيف تكون العلاقة بيننا، كيف نحفظ الجار في غيابه وحضوره ويحفظنا كذلك، كيف كان الجار يفزع لجاره دون أن يجرح مشاعره أو يؤذيه، وعندما يشتري أحداً ما تمراً أو حنطة أو غيرهما، يسارع باقتسامه مع الجار، وكان الغداء في منازلنا خليطاً بين طبخ البيت وطبخ الجيران ، فالجميع ينعم بطبقين مختلفين. وليس هنا وحسب بل كان الرجل يسافر ويترك أهل بيته وهم في أمانة الجار و رعايته.

من المفارقات الجميلة في تلك الأزمان أن البنات لهن ألعابهن ويلبسن (البخنق)، وأحياناً كنا نفتقد طلعتهن للشارع لفترة ونبدأ نسأل عنهن ويقولون لنا (خفروها)، ولا نعلم المعنى الحقيقي الذي علمنا الآن . ولكن ببراءة الطفولة كنا نعتقد أنها كبرت وأصبحت امرأة مثل أمها تساعدها في أعمال البيت. البراءة كانت عنوان ذلك الجيل، والطهارة كانت فكرهم. وكانت هناك قصص حب بريئة ولدت في قلوبهم واستقرت في قلوبهم ومضى بهم الزمن وهم يتذكرون ذلك الحلم الجميل

أنا لست متحسراً على ذلك الزمان الذي مضى وعشته بفرح وسعادة... ولكنني أتمنى عودته ليهنأ الجيل الجديد بما كنا فيه هانئين.

بواسطة : admincp
 1  0  1.7K


الترتيب بـ

الأحدث

الأقدم

الملائم

  • ابو حسين

    السلام عليكم / تسلم يا أستاذي أبو خالد على الذكريات الجميلة

    لكن ( خفروها ) صعبة شوي اتذكر أنهم يقولن أنها كبرت صارت حرمة .

    الله يهديك تبيها تبتل تلعب في الشارع ها ها هذه شقراء والنعم في الجميع لكن فيها ميزة التمسك

    بالستر والناس إلى اليوم كذلك لكن قديما أكثر وبوضوح كبير . مقال أعاد لي ذكريات وكان الحب في القديم

    هو الحقيقي اليوم أصبح صعب ونادر والخير باقي .وشكرا.

    27-01-2014 11:32 مساءً

    • ماهر البواردي

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      كلمة ( خفروها) كانت مستخدمةضمن تركيبة مجتمع الجبيل قديماً وكان اهل نجد يستخدمون هناك.

      وكم من قصص حب نشأت في تلك الايام وبقيت حبيسة القلوب لطهارة ذلك الحب

      وفي ذيك الايام أم 17 سنة يقولون عليها ( عانس). وكانت أم 17 تطبخ الذبيحة وهالحين يالله تفتح قراطيس الكتكات.

      في ذيك الايام الجدة لها هيبة وسطوة وحظوة لدى الجميع ، هالحين ما عاد تفرق الجدة من الحفيدة.


      والسلام ختام

      28-01-2014 12:11 مساءً

جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...