• ×

04:33 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

admincp
بواسطة  admincp

استنفار الهمم ، إنها ورقة التقويم الأخيرة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
لم أدخل مكتبا في دائرة أو مؤسسة هذه الأيام إلا وأجد صاحبه مشغول بأمر أهم من أن يصرف شيئا من الوقت لمقابلتي ، حتى أن بعضهم يتناول غداءهم في المكتب ويبقى فيه بعد نهاية الدوام الرسمي ، يتصل عدة مرات ويتأكد من عدد من المعاملات ، ويفتح أدراج ويغلق معاملات ، ينادي هذا وينهر ذاك حتى الابتسامة لم يسمح لها أن تستقر بين شفتين فليس هذا وقتها كما يدعي .

كذلك أصحاب المحلات وأهل الخدمات أصابهم المؤثر نفسه ، ليسوا كما عهدتهم منذ بضعة شهور .

إنهم في قلق ، يحسبون ويراجعون ويدققون ، يتجولون بين البضاعة يراقبون الأسعار وتاريخ المنتجات ، يدخلون ويخرجون من المستودعات ويقومون بجرد العينات .

قلت لبعضهم : أخبروني أقلق لقلقكم وأهتم لأمركم أو أنهجنهجكم ، لماذا أنتم قلقون ولجميع أعضائكم وطاقاتكم مستنفرون ؟

هل هناك حرب لا أعلم بها ، ولم تصل إليها عيون الفضوليين وأذانهم رغم تغلغلهم حتى النخاع في أجهزة التواصل ؟

قالوا : أبدا ، سلامات ، إنها الإجراءات الضرورية التي تكون في آخر أيام كل السنوات إنه الاستعداد لليوم الأول من السنة 1435هـ ، إننا نمزق الورقة الأخيرة من التقويم ، نحصي ما لنا ونعرف ما علينا ، ونصفي حقوقنا ونوفي ديوننا ونتخلص ممن يطالبنا ونطوي صفحات العام المنصرم ونفتح أخرى نستقبل بها العام الجديد .

قلت : هذا هو إذا ؟!

قلقكم من دنياكم وخوفكم من خسران عملائكم ، وأنا أمزق ورقة التقويم الأخيرة مثلكم لكن همي مختلف عن همكم .

والله إنني أحق منكم بالخوف والقلق وحلول الهلع ، فلا أدري ما أصابني في ثمين لدي وأنا العبد الضعيف الذليل بين يدي الله ، كم غفلة وكم زلة وكم خطأ وتعمد ، أنا المثقل بالديون والحقوق لهذا وذاك ، حصاد لسان وبنان لا تسر وظنون وانتقاص ، أنا المسكين الغافل عن عواقب الأمور ، أحق بأن أقلق وأنا أرى غياب شمس اليوم الأخير من عام طويت صفحته لا أقوى على تعديل شيء مضى ، ولا أدري هل يمكنني استدراك شيء فيما بقي فلا أدري هل تكون لي فرصة سانحة ولي في العمر بقية وإني لأرجو أن يهبني ربي من عنده هدية عمرا يبارك فيه وهداية رحمة منه وعطية.

وانصرفت منبها ومحذرا لنفسي ولمن يقرأ الكلمات تلك بأن العقلاء كلهم وذوو الألباب في شغل واستنفار لهممهم وتفقد لتجارتهم مع الله من أجل إصلاح أمرهم قبل فوات الأوان وحلول الأجل.

بواسطة : admincp
 1  0  1.5K


الترتيب بـ

الأحدث

الأقدم

الملائم

  • ماهر البواردي

    ابو عبدالله مقالك يختزل الدنيا كلها بسنة. وتشبيه رائع لحياة طويله بسنة قصيرة. وتذكير مبدع للغافلين.


    سلمت يداك.



    تحياتي

    27-10-2013 11:11 صباحًا

    • ناصر عبد الله الحميضي

      وسلمت يا أبا خالد
      وكما قلت في مشاركتك الطيبة ، حياة طويلة وسنة قصيرة ، ولا مفهوم للزمن ، فعند الوصول إلى النهاية فلا يعني المرور بما مضى أي معنى إلا ما زرع فيه من خير

      تقديري لك

      29-10-2013 07:03 صباحًا

جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...