• ×

04:18 صباحًا , الأحد 22 ديسمبر 2024

admincp
بواسطة  admincp

بقرة أبو صالح وابنته مها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
قرية هادئة آمنة مطمئنة ، يعرف أدناها أوسطها وشمالها جنوبها، تعيش كأسرة واحدة ، كلٌ يعمل فيما يُجيده ، والحياة بهم تسير نحو المستقبل آمنين مطمئنين. وصاحبنا أبو صالح أحد وجهاء القرية وميسوريها وهو الوحيد الذي كان يملك بقرة حلوب يشرب منها اللبن والحليب ويسقي منها الجار والغريب.

وكان لأبي صالح بنتاً جميلة لم يرزق غيرها أسمها ( مها )، وكانت قرة عينيه وبهجة فؤاده ومبعث السرور إلى قلبه. وكان ابو صالح يدلل ابنته ويُعلي شأنها وبنفس الوقت يُحسن تربيتها، حتى إذا وصلت لعنفوان الشباب فأصبحت مُهرة أصيلة تتغنج بدلالها ودلعها وتسمو بأخلاقها وخلقها. شعرها منسدل طويل ناعم يتعدى حدود ظهرها له سواد يباهي فيه سواد السماء في ليلة الشتاء الصافية ، ويفرح المشط بالمشي فيه كل صباح ومساء. ولها عينان وكأن البدر قد رسم مقلتيهما سواد حالك في أوسطهما ، وحواجب قد ارتسمت على عينيها مثل وشاح قوس الفرح ليضفي لها سحراً ، وجبين ابيض ناصع وكأن البرق قد لمع فيه في ليلة ظلماء ، ولها في رسم الفم فنٌ أتقنه خالقها فلا تكاد تفرقه عن قطعتي فراولة تجاورتا ، وبينهما اصطف عقد من اللؤلؤ على مبسمها، ولها وجنتان يعبث بهما الدم خجلاً وتحمر كما شمس الاصيل. كلها تجمعت في ذلك الوجه الجميل الذي يبعث المطر دون سحاب والورد دون تراب.

كانت مها حديث الأمهات في الزيارات الصباحية ، وكل أم تخطط كيف تخطف القمر الى بيتها. ويحرصن الأمهات حينما يزرن أم صالح على رؤية ابنتها. فحتي الأمهات قد عشقن تلك الجميلة. التي لم يصفها بيت شعر أو تكتب فيها معلقة طويلة. شغلت تلك القرية أبنة أبو صالح واشغلت الكاتب والقارئ سوياً.

بقرة ابو صالح لا ترضى أن يمسها من البشر شخص سوى ابنة ابو صالح ، فهي من تعتني بها وتؤمن لها الأكل والمكان وتحرص على تنظيف حظيرتها، وفوق ذلك هي من تقوم بحلب البقرة، وتسعد تلك البقرة بها وتعطيها من الحليب مالا تُعطيه ابقار المراعي، وهي من تقوم بجمع الحليب وصناعة اللبن من الحليب . وكانت هناك دجاجات في عشتهن المجاورة للبقرة تفرح بقدومها ، وتحرص على تقديم افضل البيضات لها. حتى الحيوانات كانت تعشق مها.

لم تكن ابنته من البنات اللائي يخرجن للسوق أو لزيارات الجيران فقد كانت أمها تؤمن لها حاجتها من السوق. لذا كانت أوصاف مها تصل من قبل الأمهات في كل زيارة، ويزداد الوصف يوما بعد يوم ، وتزداد قصة مها تشويقاً لشباب قريتها. واصبحت مضرباً للمثل حينما يكون الحديث عن جمال و أسم يتبادله الناس في ليلة البدر.

الليالي تمضي بهدوء والايام تعدو مهرولة ، و مها تزداد جمالاً ونضجاً ، وبدأت بعض الأمهات في الزيارات لخطبة مها، ولكن لاتزال مها غالية جداً في عين أبيها.

وجاء النصيب الذي لا يستطيع الإنسان رفضه، وكان شاباً فتياً ذكياً تحضره سرعة البديهة ، ويحتوي كلمات اللغة ويرسم معانيها جمالاً، ولكنه فقير ، وجلس مع ابي مها في المجلس وتبادلا الحديث الجميل وكان الاب مذهولاً ومستمتعاً به تماماً. وفجأة ساد الصمت والأب ينتظره... فقال الشاب: بصراحة أنا أتيت هنا ليس لخطبة مها وحسب،، والاب ينظر بذهول وارتياب مما قد يسمع لاحقاً .. وقال له،، وماهو الشيء الثاني. فقال الشاب بكل ثقة وطمأنينة : أتيت هنا لأخطب مها واشتري البقرة... الأب : وبصوت مضطرب مبحوح نشف الريق في جوف الفم .. ونحنح كثيراً ولكنه بدا صوتاً مكتوماً .. ولم البقرة بالذات؟

فقال الشاب: يا عمي رايتك اسعد البشر مستبشراً متبسماً ضاحكاً احتويت الحياة واحتوتك. وعرفت أن ما يسعدك هما البقرة و الجميلة مها. وانا رضيت أن اكون ابناً لك وليس نسيباً وأحظى بالاثنتين. لكي أكرر شخصيتك في شخصيتي... الأب بذهول: ولكن ما تطلبه غير معقول أبداً ولم تحدث في التاريخ القديم ولا حاضرنا المجيد ولا أتوقع في المستقبل البعيد...

فقال الشاب ولكنه طلبي وارجو تحقيقه وسوف اسعد الاثنتين كما اسعدتهما... فقال له الأب: مها حاضرة جاهزة لك وانا احسنت تربيتها لتكون زوجة صالحة وأماً حنونه. اما بقرتي فهي لي ولن يمتلكها غيري ما حييت. وتزوج مها وبقيت البقرة... والقراءة بين السطور أجمل من الاسطر نفسها. خبأت المعاني بحذر و وضعت لكم الكلام للمتعة.

بواسطة : admincp
 9  0  2.6K


الترتيب بـ

الأحدث

الأقدم

الملائم

  • فهد المنيع

    اتمنى يتسع صدرك اخوي ماهر لكلامي
    بصراحة ذكرتنا بحبابه انت ومقالاتك وهو طابع مقالاتك ولاتزعل من كلامي وحبابه هي شخصية الممثلة مريم الغضبان التي كانت تقص القصص في مسلسل قديم من 35 سنه
    أخ ماهر انت تكتب في صحيفة الكترونية وليس في حساب في تويتر وهنا يكمن الفرق
    هنا قد يحسب على الصحيفة وركاكة وجودة مقالات كتابها هنا مطلوب احترام العقول بجودة الطرح
    الذي اعرفه ان اكبارية ووجهاء ومثقفي شقراء يطلعون على ادق تفاصيل الصحيفة
    فان لم تحترم ذائقة المتلقي العادي احترم عالية القوم
    اتمنى ان لاتتضايق ولكن بلغ السيل الزبى
    تحياتي لك وللصحيفة

    24-10-2013 11:29 صباحًا

    • ماهر البواردي

      وعليكم السلام اخوي فهد

      والصدر متسع لكل شيء والنقد ماهو إلا تقويم مستمر. ونحن نبحث عن من يعطينا عيوبنا أكثر مما هو يمدح كلامنا.

      كتاب الراي في اي صحيفة ورقية كانت أو إلكترونية لهم فيما يطرحون فكر ويختلف من كاتب لآخر وقد تختلف كتابات شخص في عدة مقالات فهناك الجيد وهناك العادي وهناك السيء.

      والصحيفة تزخر بكتاب قديرون لهم مقالات تنشر وانا عود ضمن حزمة من تلك الأقلام ، قد يجوز للبعض ما أكتبه وقد لا يجوز للبعض الآخر كذلك. في النهاية المقالات متنوعه للجميع وللقاريء حرية إختيار ما يقرا.

      أما فيما يخص إحترام ذائقة المتلقي وددت إيضاح أنني لم أكتب ما يسيء لفظاً ولا معنى للغير أو للمجتمع أو إساءة لدين أو معتقد.

      أما فيما يخص عالية القوم أو ادناهم فهم بشر متساوون بكل الحقوق وانا لم اسيء لهم لا بسوء مقصد ظاهر ولاة معنى باطن.

      أما فيما يخص أن الموضوع بلغ السيل الزبي فالصحيفة لها كادرها الإداري الذي يرى ما يناسب وينشر ما يستحق النشر. وهم أعلم بما يصنعون.

      أما فيما يخص ركاكة المحتوى وجودة الطرح فرايك يخصك وأنا أحترمه واقدره. فأنا أتلقى عبر قنوات أخرى أخرى عكس ذلك.

      قد نختلف انا وأياك فيما أكتب والإختلاف في الراي لايفسد للود قضية


      وتقبل خالص الشكر والتقدير

      24-10-2013 02:30 مساءً

    • ابومشاري

      أستاذ فهد المنيع .. الكتابة التي جاءت من الأستاذ ماهر لم توفق في نقدها بشكل صحيح أنت اعترضت على وجوده وانتقصت منه ولم توضح أنك تفهم ما يقول والأبعاد التي يرمي إليها
      فإذا كنت تفهم ما يقول فوضح لنا
      ثم نقطة مهمة وهي .. لماذا تغيب عن المقالات النافعة وتختفي وتظهر فجأة الآن بنقد وكأنك دائما حاضر الراي
      لم أجد لك متابعة
      لست أنتقدك بل ألومك على قولك وتشبيهاتك وخلو قولك من التشجيع والرفع من المعنويات
      ما هذا بأسلوب مثقف

      26-10-2013 01:03 مساءً

  • ناصر عبد الله الحميضي

    [ شغلت تلك القرية أبنة أبو صالح واشغلت الكاتب والقارئ سوياً] يا أبو خالد أظنها أشغلتك أيضا. ولعلمك أنا ما أشغلتني ، ومعذرة فإنني أنشغل كثيرا ، ولهذا أحرم من الاستمتاع بما يخطه قلمك
    لكن أين صالح ؟
    أليس هو أبو صالح ؟
    لم يذكر في السرد ذكر له ولا وجود ،
    تقديري لك

    25-10-2013 12:58 صباحًا

    • ماهر البواردي

      ابو عبدالله


      اسعد الله اوقاتك بكل خير

      ابو صالح والقرية والبقرة ومها والشاب كلها رموز لإسقاطات سياسية إقليمية. وهي اشغلتني لأنها قضية فلسطين.

      ابو صالح هو من يمثل إسرائيل والبقرة هي فلسطين ومها هي قطاع غزه والضفة الغربية. والشاب هم العرب المنكسرين. والقرية هي العالم جميعاً


      تقبل تحياتي

      27-10-2013 11:02 صباحًا

  • ابوعلي

    لا اريد ان ادخل في قيمة المقال ولا اريد ان اقيمه لأنني اقل ممن يقييم الكتاب
    ولكن مع عدم وجود مقالات مالمانع ان يكتب فيها من يريد حتى تاتي مقالات وبعدها يتم الفرس
    للأفضل .

    25-10-2013 09:58 مساءً

    • أبومشاري

      يا متابع عساه يتبعت الخير في كل مكان ، من رادك لا تكتب ؟
      ومن هو اللي قال أن الصحيفة مقفلة وخاصة بأناس معينين
      المهم اسمك الصريح بس
      وأيضا مناسبة الفكرة للنشر
      يالله توكل على الله
      بعدين تعال : لا تصير تستخف بعقولنا وأنت متابع وحاضر لكن تبي شوشرة

      26-10-2013 01:08 مساءً

    • ماهر البواردي

      السلام عليكم

      اسعد الله يومك يا ابوعلي

      للإنسان فكر ولا يجوز تجاهله ولا يوجد هناك أقل أو أعلى ولكن يوجد من هو لديه فكرة أو نقد فيكتبه. أما فيما يخص عدم وجود مقالات فأنا أفتخر أن أكون بين أقلام رائعه هنا منهم على سبيل المثال وليس الحصر ناصر بن عبدالله الحميضي و عبدالعزيز بن سعد اليحي ومحمد بن عبدالله الحسيني . فالجميع يملكون أقلاماً رائعه استمتع بأسلوب الفكرة وجودة طرحها.

      أما فيما يخص الفرز ، فهو متروك للقاريء الذي يختار لفكره ما يريد قراءته. الصحف الورقية تحتوي على من 30-50 مقال يومياً لكتاب الرأي. وهي أشبه بسلة فواكه متنوعه. ليس بالضروري أن تأكل جميع الفواكه. ولكن تتذوق فاكهتك المفضله.

      مكتبة العبيكان أو جرير أوغيرهما من المكتبات تزخر بالعديد من الكتب. ولكننا نشتري ما نريد.


      وشكرا لمرورك الكريم.


      تحياتي

      27-10-2013 11:08 صباحًا

  • ماهر البواردي

    القصة لها إسقاطات سياسية إقليمية وليست بذلك المعنى الظاهر

    28-10-2013 11:04 صباحًا

  • ناصر عبد الله الحميضي

    يا مال العافية لك يا أبو خالد
    كم نحتاج لمثل هذه الإسقاطات الأسرية و المحلية والعالمية ، من قلم معطاء مثل قلمك ، وسرد مشوق
    صحيح أنك أبعدت عن محاري نقاشاتك السابقة وطبيت بنا في الغويط مرة وحدة
    لكن جميل ما وافانا به فكرك النير
    كان بودي أن لا تسند التربية لأبو صالح على هذا التفسير والبيان
    وأن يعاد صياغة القصة فهي نفيسة الهدف متينة السبك قوية التماسك بليغة المعاني ، لكن يستحسن إعادة الأدوار
    اللي في البال شيء مختلف تماما له علاقة بالشأن الأسري المحلي
    تقديري لك

    28-10-2013 10:21 مساءً

  • فهد ابو محمد

    وجهة نظري ،،،، اوافق الاستاذ فهد النيع فيما ذهب اليه ،،، مجرد سباحين ،،، حتى لو سلمت بوجود اسقاط كما افاد الكاتب ،، للاسف هذ الاسقاط شبه ركيك . اتمنى تقبل وجهة نظري .

    30-10-2013 02:37 مساءً

    • ابومشاري

      عبارة ( مجرد سباحين ) هل تعني بها مدح ، أو ذم ؟

      إن كانها مدح فالحمد لله
      وإن كانها ذم فلا أنصفت مجتمعنا الذي عاش طول عمره في سباحين كبيراتنا الله يغفر للميت منهن
      وتنتقد من ربانا على التسبيح
      ماله داعي حرب التخلف هذا
      قدم أو المنيع أي شيء مفيد

      31-10-2013 08:02 مساءً

  • فهد ابو محمد

    استاذ ابو مشاري ،، لله الحمد على كل حال ،،، حينما اسطر وجهة نظري لا اضع شخصي قاضي لكي انصف المجتمع او لا انصفه كما تفضلت ،، هي مجرد وجهة نظر تحتمل الصواب والخطاء ولا اعتقد ان الراي الاخر هو اعلان حرب التخلف كما اسميتها ،،، كان لزاما عليك النظر بافق اوسع من مجرد اتهامي بالانتقاص ممن علمك فن السباحين حيث شتان بين السبحونه والتسبيح ،،، كنت اتمنى ان استفيد من ردك على تعليقي وان كنت لم اقدم مايفيد فهذا لايمنع ان منك استفيد عوضا عن وضعك لتعليقي بين اما او اما . هذا ماردت ايضاحه . تقبل تقديري

    01-11-2013 12:26 صباحًا

  • ناصر عبد الله الحميضي

    للإيضاح فقط ، ولا أتمنى نشوء حروب باردة بين المعقبين أو ارتفاع في حدة الحماسة لإبداع وجهات النظر
    فكم نحتاج للصوت الهادئ والفائدة من الجميع
    الإيضاح الذي أحببت ذكره حول ما ذكره فهد ، أبو محمد حول السباحين والتسبيح
    فالسباحين سميت كذلك وأطلق عليها هذا الاسم وواحدتها سبحونة لأن جداتنا رحمهن الله يبدأن القصة أو الحكاية بقولهن ( كان فيه واحد ، والله الواحد سبحانه )
    ومع تكرار التسبيح من المتلقين أطلق عليها سباحين
    معذرة للجميع وخاصة أبو محمد إن كنت تطفلت على كمشاركته لكن شدني فصله بين السباحين والتسبيح
    وفق الله الجميع

    01-11-2013 03:42 مساءً

  • ماهر البواردي

    أخواني جميعاً


    النقد بناء وليس هدم والإختلاف في النقد هو فن مختلف للبناء. الكلمات في التعليق لا تصف شعور كاتبها او نواياه، ولكنني تعودت أن آخذ بالنية الحسنة للجميع واتقبلها بحلوها ومرها.

    أما فيما يتعلق بالسباحين فهي قصص قديمة لم تكن لتروى لمجرد ملء الوقت بل كانت فيها مواعظ وعبر ونصيحة، فكان بمثابة الشراب اللذيذ الذي يحتوي على الدواء.


    دمتم بخير جميعاً ودامت صحيفتنا بأقلامكم ونقدكم البناء.


    اخوكم / ابوخالد

    04-11-2013 10:52 صباحًا

جديد المقالات

بواسطة : الإعلامي الدكتور : فلاح الجوفان

. تجلت الإنسانية في أبهى صورها ، عندما تعرض "...


بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...