لنبدأ بهذا الحديث ، ما حجَبني النبيُّ "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" مُنذُ أسلمْتُ، ولا رَآني إلا تبَسَّم في وَجهي، ولقد شَكَوتُ إليه أني لا أَثبُتُ على الخيلِ، فضرَب بيدِه في صدري وقال : ( اللهم ثبِّتْه، واجعلْه هاديًا مَهديًّا ) (1)
عندما تخطر في بالي فكرة ما في دهاليز الفكر ، وأبدأ في تداولها وتقليبها ككرة الثلج حتى تكبر. أبحث لها عن أثرٍ في سيرة الرسول "صلى الله عليه وسلم". وأبدأ فيه مقدمة للفكرة بالسرد والتعقيب ووضع الأثر الصالح في دروبنا. أهدف فيما أكتب إلى تصحيح بعض الأعراف تلبست بثوب الدين.
نحن نعمل ونكدح ونعود لبيوتنا مرهقين منهكين. هل نقابل زوجاتنا وأبناءنا بتلك الابتسامة الجميلة أو الوجه البشوش المريح كما فعل الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع جرير بن عبدالله. هل نحن ممن نتجهم ونعبس وكأن الابتسامة منقصة للرجولة والكبرياء.
في أعمالنا ووظائفنا... هل نتبسم بوجه المراجع والمواطن والمقيم أم هو ديدن البعض التجهم وفق مقولة: (لا تتبسم بوجيههم علشان ما يخذون عليك). ومن مشاهداتي الكثيرة والعديدة طوال ثلاثين سنة، وخاصة في الدوائر الحكومية والوزارات. عندما تسلم عليهم وهذا أمر الإسلام، لا يردون عليك السلام و إن رد أحدهم فهو على مضض.
الشيخ الدكتور السميط (رحمه الله) ، لم أشاهد له صورة إلا وهو متبسم وضاحك ومستبشر. وعلى يديه أسلم 11 مليون شخص. الابتسامة ليست سرًا جديدًا أو دورة تدريبية بل هو نهج ديني وتربية إسلامية صرفة تركناها وخسرنا الأثر المترتب على تركها.
قبل عشرين سنة دعاني شخصان للصلاة في يوم واحد لكذا فرض، الأول كانت دعوته للصلاة وكأنها دعوة لزيارة الجنة من جمال الأسلوب و الابتسامة . والثاني كان مزمجراً مهدداً متوعداً، نفر منه البعض بسبب أسلوبه. الأسلوب الجميل في الدعوة للحق لا يضعفه أبداً التبسم فيه.
ختاماً ، أرجو أن نعتني بالأسنان بالفرشاة والمعجون بدلاً من طرف الشماغ ونرسم ابتسامة جميلة في وجه الجميع. فنحن نعيش على الأرض مرة واحدة. و أعجبني هذان البيتان:
بتبسُّمي أطفأتُ ألف ضَغينة*** وزرعْتُ في قلب العَليل وِدادا
مُتجهِّم القسَمات كم لاطفتُه!***لأسلَّ مِن أضلاعه الأحْقادا
تقبل الله صيامكم وقيامكم ، وعيدكم مبارك
(1) الراوي: جرير بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6089خلاصة حكم المحدث(صحيح)
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
ابوعلي
كلام جميل الله يعطيك العافية
19-08-2013 04:30 مساءً
ماهر البواردي
كتبت مما نعانيه في الاقع لعل وعسى أن يتغير الحال الى حال أفضل
لك الشكر والتقدير
20-08-2013 02:59 مساءً
ناصر عبد الله الحميضي
دائما مبدع ، و تتحفنا بقضية اجتماعية ، تطرحها وتحيط بجوانب مهمة فيها.، تشدنا نحو المتابعة وتضيء بالحلول والنقاط على الحروف الفطن من العقول
نعم لابد من التبسم وإلا صارت علاقاتنا جامدة ، وهيمن التوتر على مفاصلها
لا نطيق التجهم ولا نقوى على العيش و الصبر بجانب المتجهمين ، ديننا يفتح أبواب التفاؤل والرجاء ويملأ النفوس بالطمأنينة ولكن البعض يصر على طرد كل العوامل التي ربما فكت ابتسامته وانفرجت بعدها أسارير وجهه ، لا لشيء إلا أنه عاش أسلوبا خطأ .
نعم نحن نعيش في عالم الحزن ، ونطوي على الجراح والطعون ، وكل الهموم تحيط بنا كأمة يعاني بعضها الألم ويئن ونسمع أنينة ، ونـتألم له ،وتعرض وسائل الاعلام كل دقيقة ما ينغص على الفؤاد سكونه وهجعته وفرحه ، لكن لا نستسلم فيسكننا التشاؤم وتطفأ شمعة الضياء والتطلع إلى غد أجمل.
التبسم ترميم لما تصدع ووقاية منه أيضا ، والتجهم انهدام لداخلنا وخارجنا أيضا وتمزيق لنسيجنا الاجتماعي ، لهذا صار التبسم صدقة
تقديري لك
23-08-2013 12:58 صباحًا
ماهر البواردي
جزاك الله خير فيما كتبتم عن شخصنا البسيط. ولازلت أرى ان إضافتك أجمل مما كُتب. وجميعنا نتلمس موطن الألم تقريباً.
فيه ناس في دنيانا لا ترى إبتسامتهم أوضحكهم بس تجهمهم ويقول هذا طبعي. ونسي طبع الرسول صلى الله عليه وسلم. ولعلهم نسوا أن الله وجه الرسول الكريم حينما عبس في وجه الأعمى.
فهل الدين لدينا الصلاة وحسب أم هو منظومة متكاملة للمجتمع لصناعة نسيج متماسك مترابط.
الناقد السلبي هو من يصرخ بصوت عال حول وجود المشكلة ، والكاتب الإيجابي من يكتب المشكلة ويحللها ويكتب الحلول لها.
وفقنا وإياكم لما فيه خير وصلاح هذا الدين والمجتمع.
اخوك
ماهر البواردي
25-08-2013 12:12 مساءً