كعادتي كل يوم وبعد تناول وجبة الإفطار أخذت مكاني في المقعد الأمامي لإحدى سيارات الأجرة نظراً
لتعطل سيارتي هذا اليوم.كنت في طريقي إلى عملي بالمدرسة وسيارة الأجرة مليئة بالركاب، أدار السائق مؤشر
الراديو إلى أن توقف على إحدى المحطات الإذاعية وهي تصدح بأغنية للموسيقار الراحل فريد الأطرش "خليها على الله" قام السائق بإشعال سيجارة وبدأ ينفث دخانها بين الركاب غير عابئ بشعورهم. تضايقت كثيراً أولاً من دخان سيجارته وثانياً من صوت المذياع الصاخب،كان السائق يتمايل دون اكتراث لشعور من معه. وبين الحين والآخر يوقف السيارة لينزل أحد الركاب ثم يستأنف سيرها وهنا رن هاتف السائق الجوال وبدأ يتحدث مع شخص آخر وفي لحظة ما.. فجأة ظهر طفل صغير لا يتجاوز السنة السابعة من عمره وراح يجري بكل قوته محاولاً اجتياز الشارع إلى الرصيف الآخر ووسط هذا الجو الصاخب في السيارة حدث ما لم يكن في الحسبان إذ أن مقدمة السيارة صدمته وألقته أرضاً يتخبط في دمائه. تمكن السائق بعد ذلك من إيقاف السيارة من هول الصدمة المفاجئة.. ونزلت ونزل من معي من الركاب وركضت مسرعاً نحو الطفل لأنتشله من رقدته وإذا بالصدمة قد أثرت به والدماء تنزف من أنفه بغزارة. ناديت بعض الركاب وحاولنا نقله إلى أقرب مستشفى بعد اتصالنا بالهلال الأحمر.. ولكن..
مرت لحظات حاسمة وإذا بصوت أجش من خلفي.. ينادي.. علي.. علي.. التفت مسرعاً لأرى المنادي فإذا هو شيخ كفيف البصر يسير وعكازته بيده وراح ينادي أكثر من مرة.. فرددت عليه وسألته هل هذا ابنك... فقال: وهو يرتجف نعم، هل حصل له شيء لقد سمعت فرامل سيارة ولم تتحرك بعد ذلك. ثم أخذ يتحسس الطريق يميناً وشمالاً كأنه يسوق قطيعاً من الغنم. وذلك ليصل إلينا فعاجلته وذهبت إليه بعد أن وضعت ابنه في السيارة.. وكان قلبه لا يزال ينبض بالحياة فأمسكت بيد والده قائلاً بسيطة ياوالدي إن شاء الله فصرخ صرخة أزعجت الجميع ونفذت إلى قلبي كالسهم وصاح يقول أحضروا لي ابني انظر إليه بقلبي ما دمت محروماً من نور عيني إنه ابني الوحيد إنه عكازي الذي اعتمد عليه، ولكن ابنه لم يرد ورأيت حول عينيه الكفيفتين نوعاً من الحزن ونزلتْ دمعة على خده المتجعد "وما أقسى بكاء الكبار" في وقتها كان السائق يجلس قريباً منا وقد تأثر تأثراً بليغاً من هول ما جرى. أخذنا الطفل إلى المستشفى القريب منا وسرنا بالسيارة المشئومة بعد أن أجلسنا الوالد الكفيف بجانب ابنه المصاب.. ولكن.. كانت إرادة الله أقوى من الجميع حيث فارق الطفل الحياة قبل وصولنا للمستشفى وسمعنا والده يردد بينه وبين نفسه كأسطوانة مشروخة.. وبشر الصابرين. إنا لله وإنا إليه راجعون. أحمدك يا رب.
يا رب لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف.. والعوض.. والصبر. وأدار ظهره.. وسار عبر الرصيف المحاذي للمستشفى على أن يعود لاستلام جثة ابنه.. وكان يردد.. أحد هذين البيتين:
لتعطل سيارتي هذا اليوم.كنت في طريقي إلى عملي بالمدرسة وسيارة الأجرة مليئة بالركاب، أدار السائق مؤشر
الراديو إلى أن توقف على إحدى المحطات الإذاعية وهي تصدح بأغنية للموسيقار الراحل فريد الأطرش "خليها على الله" قام السائق بإشعال سيجارة وبدأ ينفث دخانها بين الركاب غير عابئ بشعورهم. تضايقت كثيراً أولاً من دخان سيجارته وثانياً من صوت المذياع الصاخب،كان السائق يتمايل دون اكتراث لشعور من معه. وبين الحين والآخر يوقف السيارة لينزل أحد الركاب ثم يستأنف سيرها وهنا رن هاتف السائق الجوال وبدأ يتحدث مع شخص آخر وفي لحظة ما.. فجأة ظهر طفل صغير لا يتجاوز السنة السابعة من عمره وراح يجري بكل قوته محاولاً اجتياز الشارع إلى الرصيف الآخر ووسط هذا الجو الصاخب في السيارة حدث ما لم يكن في الحسبان إذ أن مقدمة السيارة صدمته وألقته أرضاً يتخبط في دمائه. تمكن السائق بعد ذلك من إيقاف السيارة من هول الصدمة المفاجئة.. ونزلت ونزل من معي من الركاب وركضت مسرعاً نحو الطفل لأنتشله من رقدته وإذا بالصدمة قد أثرت به والدماء تنزف من أنفه بغزارة. ناديت بعض الركاب وحاولنا نقله إلى أقرب مستشفى بعد اتصالنا بالهلال الأحمر.. ولكن..
مرت لحظات حاسمة وإذا بصوت أجش من خلفي.. ينادي.. علي.. علي.. التفت مسرعاً لأرى المنادي فإذا هو شيخ كفيف البصر يسير وعكازته بيده وراح ينادي أكثر من مرة.. فرددت عليه وسألته هل هذا ابنك... فقال: وهو يرتجف نعم، هل حصل له شيء لقد سمعت فرامل سيارة ولم تتحرك بعد ذلك. ثم أخذ يتحسس الطريق يميناً وشمالاً كأنه يسوق قطيعاً من الغنم. وذلك ليصل إلينا فعاجلته وذهبت إليه بعد أن وضعت ابنه في السيارة.. وكان قلبه لا يزال ينبض بالحياة فأمسكت بيد والده قائلاً بسيطة ياوالدي إن شاء الله فصرخ صرخة أزعجت الجميع ونفذت إلى قلبي كالسهم وصاح يقول أحضروا لي ابني انظر إليه بقلبي ما دمت محروماً من نور عيني إنه ابني الوحيد إنه عكازي الذي اعتمد عليه، ولكن ابنه لم يرد ورأيت حول عينيه الكفيفتين نوعاً من الحزن ونزلتْ دمعة على خده المتجعد "وما أقسى بكاء الكبار" في وقتها كان السائق يجلس قريباً منا وقد تأثر تأثراً بليغاً من هول ما جرى. أخذنا الطفل إلى المستشفى القريب منا وسرنا بالسيارة المشئومة بعد أن أجلسنا الوالد الكفيف بجانب ابنه المصاب.. ولكن.. كانت إرادة الله أقوى من الجميع حيث فارق الطفل الحياة قبل وصولنا للمستشفى وسمعنا والده يردد بينه وبين نفسه كأسطوانة مشروخة.. وبشر الصابرين. إنا لله وإنا إليه راجعون. أحمدك يا رب.
يا رب لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف.. والعوض.. والصبر. وأدار ظهره.. وسار عبر الرصيف المحاذي للمستشفى على أن يعود لاستلام جثة ابنه.. وكان يردد.. أحد هذين البيتين:
من ذا يقول لهذي الدائرات قفي*****لكان كل اللذين استعجلوا وقفو
*عبد الرزاق عبد الواحد- شاعر عراقي
بكيت على الشباب وقد تولى *****كمن يبكي على قدح مراق
*الجواهري
*عبد الرزاق عبد الواحد- شاعر عراقي
بكيت على الشباب وقد تولى *****كمن يبكي على قدح مراق
*الجواهري
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
ابومشاري
اللهم إني أسألك رد القضاء ، وأن تلطف بي يا رب
ما يرد البلاء إلا الدعاء
أسألوا الله العافية فإنها خير ما يسأل الله به
والقضاء يرد بطاعة الوالدين والتوبة والدعاء
جزاك الله خيرا
08-02-2013 06:35 مساءً