تنص القوانين الدولية على معاقبة كل من يثبت عدم تعاونه مع أي من ذوي الاحتياجات الخاصة ،وقبل تلك القوانين جاء الإسلام بأقوى القوانين الداعمة لهؤلاء وغيرهم بالدعوة إلى الرفق والاحترام والمعاملة الحسنة والتعاون لإقرار العدالة الاجتماعية في الأرض فهل وعينا نحن ذلك وطبقناه فعلياً ؟
الإجابة المستمدة من أحوالنا وواقعنا تجيب بالنفي ، فالقرارات الميسرة لعمل ومعاملة ذوي الاحتياجات الخاصة أشبه بنجوم السماء التي لا يطولها أحد ،فكثير من الدوائر الحكومية والخاصة لا تخصص مواقف لهم ولا تضع في تصاميم مبانيها مصاعد ومهابط على الأرض لكراسيهم ، كما ليست لهم خصوصية في التعامل الحسن داخل المصالح الحكومية بصفة خاصة لمراعاة ظروفهم التي لا تخفى على أحد، فضلاً عن معظم حقوقهم المهدرة في التعليم والتربية الصحيحة وكذلك التوظيف.
وبالعودة إلى القوانين الدولية سنجد أن إعلان الأمم المتحدة (1975) ينص على حق الأشخاص المعوقين في التعليم والتدريب والتأهيل المهني والمساعدة والتوظيف ،وغير ذلك من الخدمات التي تسرع بعملية إدماجهم ،أو إعادة إدماجهم في المجتمع ،كما تتفق المنظمات الدولية على أن قلة الفرص الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية تؤثر تأثيراً بالغاً على الأفراد الذين يعانون الإعاقة،وتجعل منهم فريسة للفقر .
نحن أولى من تلك المنظمات بالاهتمام بتلك الفئة، من خلال الإيمان بقضيتهم فعلياً وليس مجرد إبراءَ للذمة أو ذر الرماد في العيون، وابتكار الحلول التي تساعدهم على العيش الكريم في المجتمع حتى لا يحقدون عليه، ومما أذكره في هذا الجانب قرار قديم للدكتور غازي القصيبي رحمه الله عندما كان وزيراً للعمل حيث قضي القرار بأن كل من يوظف سعودياً لديه إعاقة كأنه وظف أربعة سعوديين أصحاء، ويحسب ذلك في نسبة السعودة التي اشترطتها الوزارة على القطاع الخاص، وهو حل مبتكر ودافع قوي لأصحاب العمل على توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك تحقيق التوطين الأمثل للعمالة في المملكة.
كما أن أصحاب المال مطالبون بمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على شق طريقهم ليس عبر الإحسان إليهم بمبالغ شهرية كما يفعل البعض ، ولا بنظرة الشفقة التي تكسر المعاق ولا تساعده أو تسعده، فهي تزيد من إحساسه بعجزه ، وإنما بتأهيلهم للعمل الجيد ،واكتشاف أصحاب المواهب الخلاقة منهم وتبنيهم ليكونوا عضواً فعالاً في المجتمع تماماً كما فعلت الإمارات تجاه الموهوب السعودي عمار بوقس الذي أصبح معيداً في الجامعة الأمريكية بدبي ،فضلاً عن عدم السخرية من قدراتهم ، وتغيير النظرة السلبية التي يواجهون بها في مجتمعاتهم ، ومعاملتهم كأناس عاديين وليس اعتبارهم فئة خاصة خارجة عن الإطار .
نحن بحاجة ماسة لتفعيل قوانين ديننا قبل القوانين الوضعية ، فلا نستحي من الناس إن كان لدينا أحد المعاقين أن نظهره ونتعامل معه كالأصحاء لا كما يعمد البعض إلى إخفائهم عن العيون وكأنهم عار عليه،ويجب أن نكون أمناء مع أنفسنا فلا نقول عكس ما نفعل ،وألا تكون قراراتنا لمجرد المظهرية أو النفاق الذي لا يخدم المجتمع،ولا يوفر مظلة لعمل ناجح تعتمد عليه الأجيال ويرسخ مبدا التكافل بين افراد الشعب.
* بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة .
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
ابومشاري
نعم مقصورن في حقهم
الكلمات تعجز عن حصر التقصير
شكرا لك يا أبا عبد الله
14-12-2012 04:17 مساءً